للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ سَبَبٍ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) كَيَوْمِ الْعِيدِ بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ.

وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا سَيَأْتِي عَقِبَهُ، وَالْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ

(وَلَهُ) (صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ) الْمُسْتَقَرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَالْكَفَّارَةُ فَيَحِلُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مُسَارَعَةً إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُقَدِّمُوا أَيْ لَا تَتَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» وَقِيسَ بِالْوِرْدِ الْبَاقِي بِجَامِعِ السَّبَبِ، وَلَا يُشْكَلُ الْخَبَرُ بِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ» لِتَقَدُّمِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ، (وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ قَضَاءَ الْمُسْتَحَبِّ) وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ بِجَوَازِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَافِلَةً.

وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يُفْسِدُهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَنْهُ فَلَا احْتِيَاطَ، وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ يَوْمِ الشَّكِّ كَنَذْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ (وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ أَمْ يَصُومُ يَوْمًا مُعَيَّنًا كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ أَوْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَوَافَقَ صَوْمُهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَلَهُ صِيَامُهُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنْ يَصِلَ الصَّوْمَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ، فَمَتَى أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةً لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ بِقَصْدِ أَنْ لَا يَصُومَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ أَوْ النِّصْفَ كُلَّهُ بِهَذَا الْقَصْدِ ثُمَّ عِنْدَ آخِرِ الشَّهْرِ عَنَّ لَهُ صِيَامُهُ فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُ نَظَرًا لِاتِّصَالِ الصَّوْمِ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا يَصِحُّ نَظَرًا لِلْقَصْدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا نَظَرَ لِهَذَا الْقَصْدِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ رَفَضَ النِّيَّةَ نَهَارًا (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ النَّهْيِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ

(قَوْلُهُ: وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ مَنْدُوبًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا رَجُلًا) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ إلَّا رَجُلٌ اهـ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْأَفْصَحُ الرَّفْعُ لَكِنْ تُرَاجَعُ الرِّوَايَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكَلُ الْخَبَرُ) أَيْ حَيْثُ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْوُرُودِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا رَجُلٌ إلَخْ، وَدَلَّ خَبَرُ إذَا انْتَصَفَ عَلَى امْتِنَاعِهِ لِإِطْلَاقِهِ وَقَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ النَّصِّ: أَيْ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى الظَّاهِرِ: أَيْ خَبَرِ إذَا انْتَصَفَ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا) أَيْ وَلَوْ وَاجِبًا (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ بَلْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهُ لِيُوقِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَمْ يَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الْقَضَاءَ بِالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ) يُتَأَمَّلُ قَصْرُهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ مِثْلُهَا عَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ يَوْمِ الشَّكِّ) أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَكٌّ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ وَقْتُ النَّذْرِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ كَالْخَمِيسِ الْآتِي مَثَلًا ثُمَّ طَرَأَ شَكٌّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَاقِيَهُ فَوَافَقَ يَوْمُ الشَّكِّ يَوْمًا لَوْ أَدَامَ الْأَوَّلَ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ لَوَقَعَ يَوْمُ الشَّكِّ مُوَافِقًا لِيَوْمِ الصَّوْمِ صَحَّ صَوْمُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَ الِانْتِصَافِ عَلِمَ أَنَّهُ يُوَافِقُ آخِرَ شَعْبَانَ وَاتَّفَقَ أَنَّ آخِرَ شَعْبَانَ حَصَلَ فِيهِ شَكٌّ فَلَا يَحْرُمُ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ (قَوْلُهُ بِمَرَّةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا إلَى آخِرِ عُمْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي فَتَاوَى وَلَدِ الشَّارِحِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ خِلَافًا لِلشِّهَابِ حَجّ

(قَوْلُهُ وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يُفْسِدُهُ) أَيْ مَثَلًا وَإِلَّا فَتَصْوِيرُهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ، إذْ الْمُسْتَحَبُّ الْمُؤَقَّتُ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ مُطْلَقًا كَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ) أَيْ بِأَنْ يَصُومَ نَظِيرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَمْنَعَهُ مِنْ صَوْمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مَانِعٌ لَمْ يَزُلْ إلَّا فِي يَوْمِ الشَّكِّ، وَإِلَّا فَالصَّوْمُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ مُطْلَقًا بِلَا سَبَبٍ مَمْنُوعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>