للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجِبُ أَنْ يُفْطِرَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا، إذْ الْوِصَالُ حَرَامٌ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يَتَنَاوَلُ بِاللَّيْلِ مَطْعُومًا عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّتُهُ (أَنَّ الْجِمَاعَ وَنَحْوَهُ لَا يَمْنَعُ الْوِصَالَ) .

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْوِصَالِ لِلضَّعْفِ: أَيْ عَنْ الصِّيَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ الطَّاعَاتِ، وَتَرْكُ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهِ لَا يُضْعِفُ بَلْ يُقَوِّي، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: هُوَ أَنْ يَسْتَدِيمَ جَمِيعَ أَوْصَافِ الصَّائِمِينَ، وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ نَحْوَهُ قَالَ: وَتَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ: أَيْ وَغَيْرِهِ بِأَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِمْسَاكِ كَتَارِكِ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لَيْلًا مِنْ تَعَاطِي الْمُفْطِرِ وِصَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ صَوْمَيْنِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ

(وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ) (إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ) وَلَمْ يَعْلَمْ مَنْ رَآهُ (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ) أَوْ نِسَاءٌ وَظَنَّ صَدِّقْهُمْ،، أَوْ عَدْلٌ وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ كَوْنِهِ مِنْهُ.

نَعَمْ مَنْ (اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ) كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَمَرَّ صِحَّةُ نِيَّةِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ وَلَوْ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ وُقُوعَ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ، وَأُجِيبَ عَمَّا زَعَمَهُ أَيْضًا بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى فِيهَا نَظَرٌ، وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ عَنْ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَهُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ، فَلَيْسَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي الصَّوْمِ بَلْ فِي النِّيَّةِ فَقَطْ، فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى: أَلَا تَرَاهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ اهـ.

وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي يَوْمِ الشَّكِّ فِي عُمُومِ النَّاسِ لَا فِي أَفْرَادِهِمْ، فَيَكُونُ شَكًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظُنَّ صِدْقُهُمْ وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ دُونَ أَفْرَادِ؛ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهَا: سُئِلَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَادَتِهِ الْقَدِيمَةِ أَوْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ لَا الْقَدِيمَةِ، وَكَتَبَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ بِأَنْ اعْتَادَ إلَخْ قَدْ يُسْتَشْكَلُ تَصْوِيرُ الْعَادَةِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ بِلَا سَبَبٍ مُمْتَنِعٌ فَيَحْتَاجُ لِعَادَةٍ وَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا فَيَتَسَلْسَلُ، وَيُجَابُ بِأَنْ يُصَوِّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا قَبْلَ النِّصْفِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ صَوْمَهُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ اعْتَادَ الِاثْنَيْنِ فِي عَامٍ وَالْخَمِيسَ فِي آخَرَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَخِيرُ أَوْ نَقُولُ كُلٌّ صَارَ عَادَةً لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي.

نَعَمْ إنْ عَزَمَ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَنْ يُفْطِرَ) بَيَانُ فَائِدَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوِصَالُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الْوِصَالِ بَيْنَ كَوْنِهِ بَيْنَ صَوْمَيْنِ وَأَنْ لَا

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنَهُ مِنْ رَمَضَانَ) قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهِيَّةِ، قَوْلُهُ لَيْلًا يُتَّجَهُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ التَّبَيُّنَ نَهَارًا كَذَلِكَ، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِهِ لَيْلًا لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَرَّ صِحَّةُ نِيَّةِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ) أَيْ ظَانِّهِ كَمَا مَرَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ الَّذِي يَنْتَفِي بِهِ التَّنَافِي.

وَحَاصِلُ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ حَجّ فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ أَنَّ ظَنَّ صِدْقِ هَؤُلَاءِ مُصَحِّحٌ لِلنِّيَّةِ فَقَطْ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ بِشَهَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ صَحَّ صَوْمُهُ اعْتِمَادًا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُمْ، فَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ بِأَنْ وَقَعَ الْجَزْمُ بِخَبَرِهِمْ؛ صَحَّ الصَّوْمُ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ) يَعْنِي التَّنَافِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ) يَعْنِي فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ فَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ مَوْضِعَيْنِ فَقَطْ عَلَى أَنَّهُ هُوَ عَيْنُ الْجَمْعِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْوَاقِعُ مُجَرَّدَ الظَّنِّ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَهُمْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>