للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ بَلْ تُظْهِرُهُ فَكَفَى تَقَدُّمُهُ عَلَيْهَا بِلَحْظَةٍ (وَيَسْتَحِقُّ حَمْلًا) وَثَمَرَةً لَمْ تُؤَبَّرْ عِنْدَ الشَّهَادَةِ (فِي الْأَصَحِّ) تَبَعًا لِلْأُمِّ وَالْأَصْلِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ وَالشَّجَرَةِ بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَمُقَابِلُهُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِغَيْرِهِ بِوَصِيَّةٍ أَمَّا إذَا تَعَرَّضَتْ لِمِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى حُدُوثِ مَا ذُكِرَ فَيَسْتَحِقُّهُ فَعُلِمَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ لَهَا حَدَثَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ.

(وَلَوْ) (اشْتَرَى شَيْئًا) وَأَقْبَضَ ثَمَنَهُ (فَأَخَذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ) أَيْ بَيِّنَةٍ (مُطْلَقَةٍ) بِأَنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِتَارِيخِ الْمِلْكِ (رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ) الَّذِي لَمْ يُصَدِّقْهُ (بِالثَّمَنِ) لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْأَصْلِ السَّابِقِ عَدَمَ الرُّجُوعِ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي وَتَكُونُ الْمُبَايَعَةُ صَحِيحَةً، وَخَرَجَ بِحُجَّةِ الَّتِي هِيَ الْبَيِّنَةُ هُنَا كَمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ بِإِقْرَارِ أَوْ بِحَلِفِ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِهِ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ، وَبِمُطْلَقَةٍ مَا لَوْ أَسْنَدَتْ الِاسْتِحْقَاقَ إلَى حَالَةِ الْعَقْدِ فَيَرْجِعُ قَطْعًا بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذْ لَوْ أُسْنِدَتْ لِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا الْقَاضِي لِأَنَّ الْمُسْتَنِدَةَ لِذَلِكَ الزَّمَنِ حُكْمُهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ حُكْمُ الْمُطْلَقَةِ، وَبِبَائِعِهِ بَائِعُ بَائِعِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْلَفْ مِنْهُ، وَبِلَمْ يُصَدِّقْهُ مَا لَوْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الظَّالِمَ غَيْرُهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ تَصْدِيقُهُ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ يَدِهِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ لَمْ يُمْنَعْ رُجُوعُهُ حَيْثُ ادَّعَى ذَلِكَ لِعُذْرِهِ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اشْتَرَى قِنًّا وَأَقَرَّ بِرِقِّهِ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ اعْتِرَافُهُ بِرِقِّهِ لِاعْتِمَادِهِ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ.

وَلَوْ أَقَرَّ مُشْتَرٍ لِمُدَّعٍ مِلْكَ الْمَبِيعِ لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ أَقَرَّ أَخَذْنَاهُ بِهِ (وَقِيلَ: لَا) يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (إلَّا إذَا ادَّعَى مِلْكًا سَابِقًا عَلَى الشِّرَاءِ) لِيَنْتَفِيَ احْتِمَالُ الِانْتِقَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَانْتِصَارُ الْبُلْقِينِيِّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْقَاضِي، وَأَنَّ الْأَوَّلَ يَلْزَمُهُ مَحَالٌّ عَظِيمٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ كُلَّهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَأَخَذَ مِنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: لِمَسِيسِ أَيْ لِقُوَّةِ

(قَوْلُهُ: وَانْتِصَارُ الْبُلْقِينِيِّ) وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ نَقَلَ هَذَا عَنْ الْغَزَالِيِّ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ التَّعَرُّضِ لِلْمِلْكِ السَّابِقِ.

قَالَ: وَيُشْبِهُ حَمْلَ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَإِنْ شِئْت قُلْت لَا تُنْشِئُهُ

(قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْأَصْلِ السَّابِقِ) يُعْنَى مَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ إلَّا قُبَيْلَ الشَّهَادَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ عَقِبَ هَذَا (قَوْلُهُ: بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا لِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْقَاضِي صَاحِبِ الْوَجْهِ الْآتِي أَنَّهُ يَرْجِعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أُسْنِدَتْ لِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَمْ لِمَا بَعْدَهُ أَمْ لَمْ تُسْنَدْ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ الْمُوهِمِ قَصْرَ الرُّجُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ عَلَى الْأَخِيرِ، لَكِنْ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى مَا ذُكِرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ بِرِقِّهِ) أَيْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ: أَيْ ادَّعَى الْعَبْدَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ مُشْتَرٍ إلَخْ) هَذَا هُوَ عَيْنُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ بِإِقْرَارٍ إلَخْ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ هُنَا عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ) حَتَّى هُنَا تَعْلِيلِيَّةٌ لَا غَائِيَّةٌ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَانْتِصَارُ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّفْرِيعِ وَهُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَاضِي) أَيْ الْحُسَيْنِ فَهُوَ الَّذِي أَبْدَى هَذَا الْوَجْهَ وَحَمَلَ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأَوَّلَ) اُنْظُرْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا.

وَأَعْلَمَ أَنَّ الْغَزَالِيَّ سَبَقَ الْبُلْقِينِيَّ إلَى مَا قَالَهُ حَيْثُ قَالَ: عَجِيبٌ أَنْ يُتْرَكَ فِي يَدِهِ نِتَاجٌ حَصَلَ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ اهـ. فَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا هُوَ إيضَاحٌ لِكَلَامِ الْغَزَالِيِّ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ أَخْذَ الْمُشْتَرِي لِلْمَذْكُورَاتِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا أَخَذَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُدَّعَاةً

<<  <  ج: ص:  >  >>