للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّعَارُضِ فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ، وَقَدْ يُدَّعَى تَأْيِيدُهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي. وَكَذَا إنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُوجِبَ لِلثَّمَنِ مُتَعَدِّدٌ ثَمَّ يَقِينًا فَسَاعَدَ احْتِمَالُ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ فَعَلِمُوا بِهِ لِقُوَّةِ مُسَاعِدِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ مُجَرَّدُ جَوَازِ الِاخْتِلَافِ.

(وَلَوْ) (ادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا سُلِّمَ لَهُ وَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ، إذْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُ أَيْضًا غَرِمَ لَهُ بَدَلَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَيَاهُ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَتُرِكَ فِي يَدِهِ.

(وَ) إنْ ادَّعَيَا شَيْئًا عَلَى ثَالِثٍ وَ (أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ) مِنْهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَوْ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ (وَوُزِنَ لَهُ ثَمَنُهُ) (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) مِنْهُمَا تَارِيخًا لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَلِأَنَّ الثَّانِيَ اشْتَرَاهُ مِنْ الثَّالِثِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، بَلْ وَالظَّاهِرُ وَيُسْتَثْنَى كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ ادَّعَى صُدُورَ الْبَيْعِ الثَّانِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ فَتَقَدَّمَ، وَلِلْأَوَّلِ الثَّمَنُ وَمَا لَوْ تَعَرَّضَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ لِكَوْنِهِ مِلْكَ الْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَهِدَتْ الْأُولَى بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَتُقَدَّمُ الْمُتَأَخِّرَةُ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَوُزِنَ لَهُ ثَمَنُهُ مَا لَوْ لَمْ تَذْكُرْهُ، فَإِنْ ذَكَرَتْهُ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ وَلَوْ مُتَأَخِّرَةً لِأَنَّهَا تَعَرَّضَتْ لِمُوجِبِ التَّسْلِيمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ تَارِيخُهُمَا بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ مُتَّحِدٍ (تَعَارَضَتَا) فَتَتَسَاقَطَانِ، ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فَذَاكَ وَإِلَّا حَلَفَ لِكُلٍّ يَمِينًا وَيَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَسُقُوطُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ التَّعَارُضُ وَهُوَ الْعَقْدُ فَقَطْ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ، وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ فِي التَّعَارُضِ وَتُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا خَالَفَ أُسْلُوبَهُمَا الْمُوَهِّمَ لِتُخَالِفْ أَحْكَامِهَا لِأَجْلِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَالْعَمَلُ بِهَا عَلَى ظَاهِرِهِ لِإِلْغَاءِ الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ عُمِلَ بِمَجْمُوعِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُولَى وَافَقَتْهَا عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُدَّعَى تَأْيِيدُهُ) أَيْ الرَّدِّ

(قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَيَا إلَخْ، وَمَا قَبْلَهَا هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَالَ: أَجَّرْتُك الْبَيْتَ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مُتَعَدِّدٌ ثَمَّ يَقِينًا) أَيْ بِمُقْتَضَى الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّادِرَ مِنْ أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ غَيْرُ الصَّادِرِ مِنْ الْآخَرِ يَقِينًا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْعَاقِدَ وَاحِدٌ فَجَازَ اتِّحَادُ الْعَقْدِ وَتَعَدُّدُهُ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا نَازَعَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ، وَلَعَلَّهُ نَظَرَ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَلَوْ نَظَرْنَا إلَيْهِ لَاحْتَمَلَ انْتِفَاءَ الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَيَا شَيْئًا عَلَى ثَالِثٍ) إنَّمَا عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي يَدِ ثَالِثٍ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَوْ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ) هَذَا إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ بِيَدِ غَيْرِ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْبَيْعَ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُ الشَّارِحِ اشْتِرَاطَهُ مُطْلَقًا عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْفَصْلِ الْمَارِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ مُطْلَقًا كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ ثَمَّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ حُكْمٌ لِلْأَسْبَقِ) أَيْ وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا قَدَّمَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهَا إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ سِوَى عَقْدٍ وَاحِدٍ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّ الْعَاقِدَ مُخْتَلِفٌ، فَلَا يَتَأَتَّى اتِّحَادُ الْعَقْدِ، فَمَا وَقَعَ لِلشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ هُنَا سَهْوٌ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ لَمْ تَذْكُرْهُ) سَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ، وَظَاهِرُ مِمَّا بَعْدَهُ أَنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ صِحَّةِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ إذْ لَا إلْزَامَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَلَا رُجُوعَ إلَخْ) كَانَ الْأَصْوَبَ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ إنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ جَعَلَ فِي حَالَةِ التَّعَارُضِ أَرْبَعَ حَالَاتٍ. لِأَنَّ الْعَيْنَ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ يَدِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَوْ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ، إلَى أَنْ قَالَ: الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهَا وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّرْجِيحِ بِيَدِ الْبَائِعِ إذَا صَدَقَ أَحَدُهُمَا، قَالَ: فَإِنْ رَجَّحْنَاهُ بِيَدِهِ وَبَيِّنَتِهِ: أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فَذَاكَ رَجَعَ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، فَمَا ذَكَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>