الْخِلَافِ، وَيُجْرَى ذَلِكَ فِي قَوْلِ وَاحِدٍ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ زَيْدٍ، وَآخَرَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ عَمْرٍو عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ كَذَلِكَ فَيَتَعَارَضَانِ وَيُصَدَّقُ مِنْ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ يُقِرُّ.
(وَلَوْ) (قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (بِعْتُكَهُ بِكَذَا) وَهُوَ مِلْكِي، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ فَأَنْكَرَ (وَأَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ وَطَالَبَاهُ بِالثَّمَنِ (فَإِذَا اتَّحَدَا تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) وَتَسَاقَطَتَا لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ مِلْكًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ، فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ (وَإِنْ) (اخْتَلَفَ) تَارِيخُهُمَا (لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِأَنَّ التَّنَافِيَ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الِانْتِقَالُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ الْعَقْدُ الثَّانِي، فَلَوْ عَيَّنَ الشُّهُودُ زَمَنًا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الثَّمَنَانِ وَيَحْلِفُ حِينَئِذٍ لِكُلٍّ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ (إنْ أُطْلِقَتَا أَوْ) أُطْلِقَتْ (إحْدَاهُمَا) وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ الِاسْتِعْمَالُ لَمْ يُحْكَمْ بِالْإِسْقَاطِ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كَمُتَّحِدَتَيْ التَّارِيخِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الْمُشْتَرِي فَلَا يُؤْخَذُ إلَّا بِالْيَقِينِ، وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْعَيْنَ تُضَيَّقُ عَنْ حَقِّهِمَا مَعًا فَتَعَارَضَتَا، وَالْقَصْدُ هُنَا الثَّمَنَانِ وَالذِّمَّةُ لَا تُضَيَّقُ عَنْهُمَا فَوَجَبَا، وَشَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ كَهِيَ عَلَى الْبَيْعَيْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ.
وَنَقَلَ فِي الْأَنْوَارِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِأَنَّهُ بَاعَ عَاقِلًا وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ مَجْنُونٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ عُمِلَ بِالْأَوْلَى، أَوْ بِأَنَّهُ بَاعَ مَجْنُونًا قُدِّمَا، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي نَحْوُهُ، وَهُوَ لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: إنَّهُ أَقَرَّ بِكَذَا يَوْمٍ كَذَا فَقَالَتْ أُخْرَى: كَانَ مَجْنُونًا ذَلِكَ الْوَقْتَ قُدِّمَتْ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ يُجَنُّ وَقْتًا وَيُفِيقُ وَقْتًا وَإِلَّا تَعَارَضَتَا.
(وَلَوْ) (مَاتَ) شَخْصٌ (عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: مَاتَ عَلَى دِينِي) فَأَرِثُهُ وَلَا بَيِّنَةَ (فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ الْمُسْلِمُ) لِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لَهَا، وَكَذَا كُلُّ مُسْتَصْحِبَةٍ وَنَاقِلَةٍ، وَمِنْهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْجَرْحِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ عَلَى مَا مَرَّ (وَإِنْ قَيَّدَتْ) إحْدَاهُمَا (أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ) أَيْ كَلِمَتُهُ وَهِيَ الشَّهَادَةُ (وَعَكَسَتْهُ الْأُخْرَى) فَقَيَّدَتْ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ النَّصْرَانِيَّةُ كَثَالِثِ ثَلَاثَةٍ (تَعَارَضَتَا) وَتَسَاقَطَتَا لِتَنَاقُضِهِمَا لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ مَوْتُهُ عَلَيْهِمَا فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ، وَكَذَا لَوْ قُيِّدَتْ بَيِّنَتُهُ فَقَطْ، وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ التَّعَارُضَ بِمَا إذَا قَالَتْ: كُلٌّ آخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا وَمَكَثَا عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ.
وَأَمَّا إذَا اقْتَصَرَتْ عَلَى آخِرِ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ كُلًّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ هَذِهِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ وَقَبِلَهَا هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْمُسْلِمُ) أَيْ بَيِّنَتُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ) أَيْ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّارِحُ حَالَةٌ مِنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيهَا رَجَعَ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ مَا إذَا لَمْ تَتَعَرَّضْ بَيِّنَتُهُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهَا فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَالَاتِ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِلَّا مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَعَرَّضَ كُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَمَا إذَا تَعَرَّضَتْ لَهُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ خَاصٌّ بِمَا إذَا تَعَرَّضَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذَلِكَ وَإِلَّا اُخْتُصَّ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِمَنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ، وَمَرَّ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ لَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: فَقَالَتْ أُخْرَى كَانَ مَجْنُونًا ذَلِكَ الْوَقْتَ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: إنْ أُرِيدَ وَقْتُ الْإِقْرَارِ كَانَ نَحْوَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ كَمَا قَالَ، لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْوَقْتِ يَوْمُ الْإِقْرَارِ فَلَيْسَ نَحْوَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قُيِّدَتْ بَيِّنَتُهُ) هُوَ كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ بِهَاءِ الضَّمِيرِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ بَيِّنَةٌ بِلَا هَاءٍ