للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْآلَاتِ لَا الْمَاءِ، فَعَلَيْهِ مَا يُغْرَفُ بِهِ الْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الدَّاخِلِ، وَثِيَابُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْحَمَّامِيِّ إنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا وَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ بَيَانُ مَا يَسْتَأْجِرُهُ لَهُ فِي الدَّارِ لِقُرْبِ التَّفَاوُتِ مِنْ السُّكْنَى وَوَضْعِ الْمَتَاعِ وَمِنْ ثَمَّ حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهَا مِنْ سُكَّانِهَا، وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَدَدُ مَنْ يَسْكُنُ اكْتِفَاءً بِمَا اُعْتِيدَ فِي مِثْلِهَا.

(ثُمَّ) إذَا تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ فِي الْمَنْفَعَةِ (تَارَةً تُقَدَّرُ) الْمَنْفَعَةُ (بِزَمَانٍ) فَقَطْ. وَضَابِطُهُ كُلُّ مَا لَا يَنْضَبِطُ بِالْعَمَلِ، وَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ كَرَضَاعِ هَذَا شَهْرًا، وَتَطْيِينِ أَوْ تَجْصِيصِ أَوْ اكْتِحَالِ أَوْ مُدَاوَاةِ هَذَا يَوْمًا، وَ (كَدَارٍ) وَأَرْضٍ وَثَوْبٍ وَآنِيَةٍ وَيَقُولُ فِي دَارٍ تُؤَجَّرُ لِلسُّكْنَى لِتَسْكُنَهَا، فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك لَمْ تَصِحَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ فِي الْأُولَى (سَنَةً) بِمِائَةٍ أَوَّلُهَا مِنْ فَرَاغِ الْعَقْدِ لِوُجُوبِ اتِّصَالِهَا بِالْعَقْدِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَأَجَّرْتُكَهَا كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ مِنْ إمَامٍ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مَالِهِ لِلْأَذَانِ بِخِلَافِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَوْ قَالَ هَذَا الشَّهْرُ بِدِينَارٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ تُؤَجَّرُ لِلسُّكْنَى يَوْمٌ فَأَكْثَرُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَرَّةً وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ، وَمَرَّةً أَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازُ بَعْضِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ فَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضُ مُسَافِرٍ وَنَحْوِهِ، وَالضَّابِطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مُتَقَوِّمَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ أَيْ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ لِيَحْسُنَ بِذَلِكَ الْمَالُ فِي مُقَابِلَتِهَا وَتَارَةً تُقَدَّرُ (بِعَمَلٍ) أَيْ بِمَحَلِّهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ بِزَمَنٍ (كَدَابَّةٍ) مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَوْصُوفَةٍ لِلرُّكُوبِ أَوْ (لِحَمْلِ شَيْءٍ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَمَّامِ بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ أَذِنْت فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا الْمَاءِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَمَقْبُوضٌ بِالْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْأُجْرَةَ مَعَ صِيغَةِ اسْتِحْفَاظٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك) أَيْ فَلَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتهَا بِكَذَا لِأَسْكُنَهَا وَحْدِي صَحَّ كَمَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ. أَقُولُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ مُضِرَّةٌ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ بِهَا الْمُؤَخَّرَ أَوْ الْقَابِلَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَقَدْ يَمُوتُ الْمُسْتَأْجِرُ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِوَارِثِهِ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا، وَلَا يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ الْوَارِثِ فِي السُّكْنَى لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا مَلَكَهُ بِالْإِجَارَةِ فِيهِمَا، وَقَالَ حَجّ فِي تَعْلِيلِ الْأُولَى: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاطِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: كُلُّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ لَمْ تَصِحَّ) أَيْ حَتَّى فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِالْغَائِبِ غَيْرُ الْمَرْئِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا) فَإِنْ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهَا صَارَتْ وَدِيعَةً يَضْمَنُهَا بِالتَّقْصِيرِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا أَصْلًا وَإِنْ قَصَّرَ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَقْيِيدِ الضَّمَانِ بِمَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةً فِي حِفْظِهَا لَمْ أَعْلَمْ مَأْخَذَهُ

. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ فِي الْمَنْفَعَةِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي فَانْظُرْ بَعْدَ ذَلِكَ حَاصِلَ الْمَعْنَى اهـ.

أَقُولُ: الْمُرَادُ بِشَرْطِ الْمَنْفَعَةِ شَرْطُهَا فِي نَفْسِهَا لِكَوْنِهَا مُتَقَوِّمَةً إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً، فَالْمُرَادُ بِقِيمَتِهَا الَّذِي هُوَ الْمَنْفَعَةُ شَرَطَ لَهَا كَوْنَهَا مَعْلُومَةً فِي نَفْسِهَا غَيْرَ مُبْهَمَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْجَلَالُ الْمُحَقِّقُ بِقَوْلِهِ فَمَا لَهُ مَنَافِعُ يَجِبُ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهَا اهـ.

وَأَمَّا تَقْدِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فَهُوَ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ شَرْطًا لَهَا فِي نَفْسِهَا، وَيُوَافِقُ هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ كَالْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ فِي تَرْجَمَةِ الْفَصْلِ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ وَمَا تُقَدَّرُ بِهِ، فَجَعَلَ مَا تُقَدَّرُ بِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الشَّرْطِ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمَا بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعْلُومَةً؛ إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِلْمَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا مِنْ فَرَاغِ الْعَقْدِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُؤَجِّرُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَيْسَ مُرَادًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>