للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى مَكَّةَ) أَوْ لِتَرْكَبَهَا شَهْرًا حَيْثُ بَيَّنَ النَّاحِيَةَ الْمَرْكُوبَ إلَيْهَا، وَمَحَلَّ تَسْلِيمِهَا لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ نَائِبِهِ (وَكَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبَ) أَوْ ثَوْبٌ صِفَتُهُ كَذَا، كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَتَهُ لِتُمَيَّزَ هَذِهِ الْمَنَافِعُ فِي نَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ، وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا، وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ بَيَانُ مَا يَخِيطُهُ، وَفِي الْكُلِّ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَيَانُ كَوْنِهِ قَمِيصًا أَوْ غَيْرَهُ وَطُولِهِ وَعَرْضِهِ وَنَوْعِ الْخِيَاطَةِ أَوْ هِيَ رُومِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعَادَةِ وَإِلَّا حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهَا.

وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى التَّقْدِيرُ بِالزَّمَنِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، فَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ بِمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ صِفَةَ الْعَمَلِ وَلَا مَحَلَّهُ وَإِلَّا بِأَنْ بَيَّنَ مَحَلَّهُ وَصِفَتَهُ صَحَّ، وَلَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ أَوْ وَصْفِهِ.

(فَلَوْ) (جَمَعَهُمَا) أَيْ الْعَمَلَ وَالزَّمَانَ (فَاسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَهُ) أَيْ الثَّوْبَ يَوْمًا مُعَيَّنًا أَوْ لِيَحْرُثَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ يَبْنِيَ هَذِهِ الْحَائِطَ (بَيَاضَ النَّهَارِ) الْمُعَيَّنِ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِلْغَرَرِ إذْ قَدْ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلُ أَوْ يَتَأَخَّرُ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ أَوْ نَقْصِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا يُقْطَعُ بِفَرَاغِهِ فِي الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ عُرُوضِ عَائِقٍ لَهُ عَنْ إكْمَالِهِ فِي ذَلِكَ النَّهَارِ، وَإِنْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَفْلَةٌ مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ الِاحْتِمَالُ، فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافَ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ رِزْقٌ لَا أُجْرَةٌ (قَوْلُهُ: لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ نَائِبِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُؤَجَّرَ لَهُ مَنْ يَسْتَلِمُهَا مِنْهُ إذَا وَصَلَ ذَلِكَ الْمَحَلَّ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ، وَلَوْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ ثُمَّ إنْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ وَكِيلٌ ثُمَّ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِلَّا فَلِلْقَاضِي إنْ وُجِدَ وَإِلَّا أَوْدَعَهَا عِنْدَ أَمِينٍ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ هُنَا أَوْ نَائِبِهِ مَا نَصُّهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَيْنِ جَوَازُ الْإِبْدَالِ وَالتَّسْلِيمِ لِلْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ النَّاحِيَةِ وَمَحَلُّ التَّسْلِيمِ حَتَّى يُبَدَّلَا بِمِثْلِهِمَا اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ شَخْصٍ يُسَلِّمُهَا لَهُ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ تَرْكَبُ إلَى مَحَلِّ كَذَا وَتُسَلِّمُهَا فِي مَحَلِّ كَذَا إلَيَّ أَوْ لِنَائِبِي مَثَلًا ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِهِ إنْ وَجَدَهُ أَوْ نَائِبَهُ الْخَاصَّ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِلَّا فَلِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا) مِثَالٌ لِلتَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ وَهُوَ مِنْ صُوَرِ الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا مَعَ قَوْلِهِ وَفِي الْكُلِّ كَمَا سَيُعْلَمُ إلَخْ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ فِي تَصْوِيرِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ عَلَى الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ. هَذَا وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ امْتِنَاعِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ مِمَّا ذُكِرَ، بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ صِحَّتُهُ حَيْثُ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَمَحَلَّهُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى: إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ وَإِنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ لَكِنَّ الْعِلَّةَ تَخْتَلِفُ فِي مِقْدَارِ فِعْلِهَا بِاعْتِبَارِ خِفَّةِ الْيَدِ فِي الْعَمَلِ وَبُطْئِهَا، وَمُجَرَّدُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ لَا يُحَصِّلُ مَقْصُودَ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى التَّقْدِيرُ بِالزَّمَنِ) أَيْ وَخَرَجَ بِالزَّمَنِ التَّقْدِيرُ بِالْعَمَلِ فَيَقُولُ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ كَذَا ثُمَّ يُعَيِّنُ مَا يُرِيدُ خِيَاطَتَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا) أَيْ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُلْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ حُصُولُ الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِهِ بِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ) أَيْ الْقَائِلِ بِذَلِكَ فَوَافَقَ بَحْثُهُ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَفِي التُّحْفَةِ زِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ قَوْلِهِ لَهَا وَهِيَ تَحَقُّقُ الْإِيهَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِمَحَلِّهِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ كَالْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِزَمَنٍ) عُطِفَ عَلَى بِعَمَلٍ، فَقَدْ جَعَلَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ مَا لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِالزَّمَنِ وَالثَّانِيَ مَا يُقَدَّرُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْعَمَلِ أَوْ الزَّمَنِ، وَسَيَأْتِي قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ مَا لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِالْعَمَلِ، كَذَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ الْقَفَّالُ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ أَوْ وَصْفِهِ

(قَوْلُهُ: فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ الَّذِي حَاصِلُهُ الْبُطْلَانُ لِلِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>