الْعُقْبِ) (فِي الْأَصَحِّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعُ عُقْبَةٍ: أَيْ نَوْبَةٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْقُبُ صَاحِبَهُ وَيَرْكَبُ مَوْضِعَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ مَشَى عَنْ رَاحِلَتِهِ عُقْبَةً فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً» وَفَسَّرُوهَا بِسِتَّةِ أَمْيَالٍ فَلَعَلَّهُ وَضَعَهَا لُغَةً فَلَا يَتَقَيَّدُ مَا هُنَا بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّأْجِيلَ فِيهَا جَائِزٌ (وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً رَجُلًا) مَثَلًا (لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ) وَيَمْشِيَ بَعْضَهَا أَوْ يَرْكَبَهُ الْمَالِكُ تَنَاوُبًا (أَوْ) يُؤَجِّرَهَا (رَجُلَيْنِ) مَثَلًا (لِيَرْكَبَ ذَا أَيَّامًا) مَعْلُومَةً (وَذَا أَيَّامًا) كَذَلِكَ تَنَاوُبًا وَمِنْ ذَلِكَ آجَرْتُك نِصْفَهَا لِمَحَلِّ كَذَا أَوْ كُلَّهَا لِتَرْكَبَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ فَيَصِحُّ كَبَيْعِ الْمُشَاعِ (وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ) فِي الصُّورَتَيْنِ كَنِصْفٍ أَوْ رُبُعٍ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ مَضْبُوطَةٌ بِالزَّمَنِ أَوْ الْمَسَافَةِ كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ أَوْ فَرْسَخٍ وَفَرْسَخٍ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهَا وَالْمَحْسُوبُ فِي الزَّمَنِ زَمَنُ السَّيْرِ دُونَ زَمَنِ النُّزُولِ لِعَلَفٍ أَوْ اسْتِرَاحَةٍ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (ثُمَّ) بَعْدَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (يَقْتَسِمَانِ) ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي، فَلَوْ تَنَازَعَ فِي الْبَادِئِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ لِمِلْكِهِمَا الْمَنْفَعَةَ مَعًا وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ لِضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الصِّحَّةَ فِي الْأُولَى تَقَدَّمَ رُكُوبُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لِتَعَلُّقِهَا حِينَئِذٍ بِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَالْقِنُّ كَالدَّابَّةِ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَيَّامًا جَوَازُ جَعْلِ النَّوْبَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ كَأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ، أَوْ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ، حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالدَّابَّةِ أَوْ بِالْمَاشِي، وَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا مَالِكِ الدَّابَّةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ مَنْ مَشَى) أَيْ قَاصِدًا رَاحَتَهَا (قَوْلُهُ: وَفَسَّرُوهَا) أَيْ الْعُقْبَةَ (قَوْلُهُ: بِسِتَّةِ إلَخْ) وَقَدْرُهَا بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ دَرَجَةً لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقَدْرُ ذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً، وَهِيَ إذَا قُسِّمَتْ عَلَى الْفَرَاسِخِ خَرَجَ لِكُلِّ فَرْسَخٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَنِصْفُ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، فَالسِّتَّةُ أَمْيَالٍ يُقَدَّرُ مِسَاحَتُهَا بِفَرْسَخَيْنِ وَمِقْدَارُ سَيْرِهِمَا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لِتَرْكَبَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ ثَمَّ مَرَاحِلُ مَعْلُومَةٌ حَمَلَ عَلَيْهَا وَإِلَّا اشْتَرَطَ بَيَانَ مَا يَمْشِيهِ وَمَا يَرْكَبُهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَنَازَعَا إلَخْ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلتَّعَاقُبِ فَإِنْ احْتَمَلَتْهُمَا رَكِبَاهَا مَعًا وَإِلَّا تَهَايَآ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يَبْدَأُ أَقْرَعَ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ بَشِقَيْهَا، وَهِيَ مَا لَوْ أَجَّرَ رَجُلًا لِيَرْكَبَ بَعْضَ الطَّرِيقِ إلَخْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّقَدُّمِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ تَقَدُّمُ رُكُوبِهِ عَلَى مَشْيِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رُكُوبٌ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ يُقَدَّمُ رُكُوبُ الْمُسْتَأْجِرِ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ رُكُوبِهِ بِالْفِعْلِ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْعَقْدِ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا وَاقْتَسَمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَجَعَلَا نَوْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا فَسَامَحَ كُلٌّ الْآخَرَ بِنَوْبَتِهِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ السَّابِقُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْبَهِيمَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمَاشِي) عِبَارَةُ حَجّ: وَفِي تَوْجِيهِ النَّصِّ الْمَنْعُ عِنْدَ طَلَبِ أَحَدِهِمَا لِلثَّالِثِ مَا يُوَافِقُ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ إضْرَارٌ بِالْمَاشِي وَالْمَرْكُوبِ، لِأَنَّهُ إذَا رَكِبَ وَهُوَ غَيْرُ تَعِبٍ خَفَّ عَلَى الْمَرْكُوبِ، وَإِذَا رَكِبَ بَعْدَ كَلَالٍ وَتَعَبٍ وَقَعَ عَلَى الْمَرْكُوبِ كَالْمَيِّتِ اهـ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) عِبَارَةُ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ النَّصِّ الْمَنْعُ عِنْدَ طَلَبِ أَحَدِهِمَا الثَّلَاثَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَخْذًا عِلَّةُ تَوْجِيهِ النَّصِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا مَالِكِ الدَّابَّةِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ شَرْطُ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى تَقَدُّمُ رُكُوبِ الْمُسْتَأْجِرِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ رُكُوبِهِ بِالْفِعْلِ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْعَقْدِ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا وَاقْتَسَمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَجَعَلَا نَوْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا فَسَامَحَ كُلٌّ الْآخَرَ بِنَوْبَتِهِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: السَّابِقُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْبَهِيمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute