بِكَذِبِهِ بِذَلِكَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ فِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا لِلْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ، وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَطَرِيقَةُ التَّرْجِيحِ جَزَمَ بِهَا أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَطَرِيقَةُ الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ ذَكَرَهَا الْمَرَاوِزَةِ، وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مَمْنُوعٌ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَطَعَ بِإِلْغَاءِ الْإِقْرَارِ وَمَا عَزَاهُ لِلْمُحَرَّرِ بَنَاهُ عَلَى فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فَهُوَ لَغْوٌ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ فَالْإِقْرَارُ لَغْوٌ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مُرَادُهُ فَالْإِسْنَادُ لَغْوٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ اهـ.
وَذَكَرَ مِثْلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخُ، هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ قَرِينَةَ حَالِ الْمُقَرِّ لَهُ مَلْغِيَّةٌ لِلْإِقْرَارِ لَهُ، وَتَقْرِيرُهُ إنَّمَا يَحْسُنُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دُونَ التَّقْيِيدِ بِجِهَةٍ مُسْتَحِيلَةٍ، بِخِلَافِ أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ لَا قَرِينَةَ فِي الْمُقَرِّ لَهُ مَلْغِيَّةٌ فَعُمِلَ بِهِ وَأُلْغِيَ الْمُبْطِلُ، وَهَذَا مَعْنًى ظَاهِرٌ يَصِحُّ الِاسْتِمْسَاكُ بِهِ فِي الْفَرْقِ، فَتَغْلِيظُ الْمُصَنِّفِ فِي فَهْمِهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ عَلَى تَقْدِيمِ الْمُنَافِي كُلِّهِ عَلَى ثَمَنِ مَا بَاعَهُ إلَى أَلْفٍ كَنَظِيرِهِ فِي بَاعَنِي خَمْرًا بِأَلْفٍ وَحَمَلَ بُطْلَانَ الْإِسْنَادِ فَقَطْ عَلَى تَأْخِيرِهِ كُلِّهِ عَلَى أَلْفٍ أَقْرَضَنِيهِ كَنَظِيرِهِ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ غَيْرِ صَحِيحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيمِ كَوْنِ اللَّاغِي الْإِسْنَادَ لَا الْإِقْرَارَ، وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ شَرْعًا أَنْ يُقِرَّ لِقِنٍّ عَقِبَ عِتْقِهِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ لَمْ تُعْلَمْ حِرَابَتِهِ وَمِلْكُهُ قَبْلُ لِمَا مَرَّ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ احْتَمَلَ فِيهِ ذَلِكَ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَهُ دَيْنٌ بِنَحْوِ صَدَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ جِنَايَةٍ فَيُقِرُّ بِهِ لِغَيْرِهِ عَقِبَ ثُبُوتِهِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ جَرَيَانِ نَاقِلٍ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يُقِرَّ عَقِبَ إرْثِهِ لِآخَرَ بِمَا يَخُصُّهُ.
(وَإِنْ) (أَطْلَقَ) الْإِقْرَارَ بِأَنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى شَيْءٍ (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُمْكِنِ فِي حَقِّهِ وَإِنْ نَذَرَ كَوَصِيَّةٍ أَوْ إرْثٍ صَوْنًا لِكَلَامِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَالَ لَا يَجِبُ إلَّا بِمُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ فِي حَقِّهِ فَحَمَلَ الْإِطْلَاقَ عَلَى الْوَعْدِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اللَّفْظِ لِغَيْرِ الْحَمْلِ فَبُطْلَانُهُ لِعَارِضٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِشَخْصٍ دُونَ غَيْرِهِ بَلْ مَمْنُوعٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، فَقَوَّى أَوَّلَ اللَّفْظِ وَلَغَا آخِرَهُ اهـ مُؤَلَّفٌ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُهُ التَّرْجِيحُ) أَيْ الْحَاكِيَةُ لِلْقَوْلَيْنِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَمَا صَحَّحَهُ مَمْنُوعٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ: أَيْ الْمُحَرَّرَ وَقَوْلُهُ وَمَا عَزَاهُ: أَيْ لِلنَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ أَيْ الْإِقْرَارِ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَقْرِيرُهُ) أَيْ إثْبَاتُ مَا قَالَهُ الْمُقِرُّ، وَقَوْلُهُ فَعُمِلَ بِهِ: أَيْ الْإِقْرَارِ، وَقَوْلُهُ وَأَلْغَى الْمُبْطِلَ وَهُوَ مِنْ ثَمَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كُلُّهُ) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَمَلَكَهُ قَبْلَ: أَيْ قَبْلَ الْإِرْقَاقِ، وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يَثْبُتَ عُطِفَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُرَدُّ الْإِقْرَارُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي أَوَّلَ فَصْلٍ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ عَنْ الْأَنْوَارِ فِي الدَّارِ الَّتِي وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي لِفُلَانٍ أَنَّهُ إقْرَارٌ إنْ كَانَ شَامِلًا لِلْإِقْرَارِ عَقِبَ الْإِرْثِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ فَالْإِقْرَارُ لَغْوٌ كَمَا عَزَاهُ فِي الرَّوْضَةِ لِلْمُحَرَّرِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مُرَادَ الْمُحَرَّرِ فَالْإِسْنَادُ لَغْوٌ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّرْحَيْنِ إنَّا إذَا صَحَّحْنَا الْإِقْرَارَ الْمُطْلَقَ كَمَا هُوَ الْأَظْهَرُ فَهُنَا طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَطَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ مَشْهُورَةٌ جَزَمَ بِهَا أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ وَأَمَّا الْقَطْعُ بِإِلْغَاءِ الْإِقْرَارِ فَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ. نَعَمْ مَنْ صَحَّحَ الْبُطْلَانَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ عِنْدَ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ فَذَكَرَهَا الْمَرَاوِزَةُ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) يَعْنِي الشِّهَابَ حَجّ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيمِ كَوْنِ اللَّاغِي الْإِسْنَادَ) أَيْ: فِي أَحَدِ الشِّقَّيْنِ، قَالَ الشِّهَابُ سم: وَأَقُولُ هُوَ اعْتِرَاضٌ عَجِيبٌ فَأَيُّ مَحْذُورٍ فِي ذَلِكَ التَّسْلِيمِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى يَقْتَضِيَ عَدَمَ صِحَّةِ ذَلِكَ الْجَمْعِ فَعَلَيْكَ بِالتَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُقِرَّ عَقِبَ إرْثِهِ لِآخَرَ بِمَا يَخُصُّهُ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِعَيْنٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَظَاهِرٌ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ لِاسْتِحَالَةِ أَنَّ خُصُوصَ مَا يَخُصُّهُ بِالْإِرْثِ لِلْغَيْرِ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَيَّزْ لَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute