للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي بَعْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَشَارَ بِهِ إلَى نَفْيِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ كَذَا فَقَطْ (وَقَوْلُهُ عَلَيَّ وَفِي) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ كَاَلَّتِي بَعْدَهَا (ذِمَّتِي كُلٌّ) عَلَى انْفِرَادِهَا (لِلدَّيْنِ) الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ عُرْفًا، فَإِنْ ادَّعَى إرَادَتَهُ الْعَيْنَ قُبِلَ فِي عَلَيَّ فَقَطْ لِإِمْكَانِهِ: أَيْ عَلَى حِفْظِهَا (وَمَعِي) وَلَدَيَّ (وَعِنْدِي) كُلٌّ عَلَى انْفِرَادِهَا (لِلْعَيْنِ) لِذَلِكَ فَيُحْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى عَيْنٍ لَهُ بِيَدِهِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَقِبَلِي بِكَسْرِ أَوَّلِهِ صَالِحٌ لَهُمَا كَمَا رَجَّحَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ وَمَعِي عَشَرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ.

(وَلَوْ) (قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ) أَوْ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي الْيَوْمَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِهِ بِالْمَفْهُومِ: أَيْ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِ فِيمَا الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْيَقِينُ أَوْ الظَّنُّ الْغَالِبُ وَهُوَ الْإِقْرَارُ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ قَوْلُ التَّاجِ السُّبْكِيّ مُضَعِّفًا لَهُ، وَهَذَا يَقُولُهُ مَنْ يَقْصُرُ الْمَفَاهِيمَ عَلَى أَقْوَالِ الشَّارِعِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّهُ يَأْتِي حَتَّى عَلَى الْأَصَحِّ الْمُقَرَّرِ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمَفْهُومَ يُعْمَلُ بِهِ فِي غَيْرِ أَقْوَالِ الشَّارِعِ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ خُرُوجِ الْإِقْرَارِ عَنْ ذَلِكَ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ فِيهِ بِالْيَقِينِ وَلَا يَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ، لَكِنَّ مُرَادَهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ إلْحَاقِ الظَّنِّ الْقَوِيِّ بِالْيَقِينِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي أَكْثَرِ مَسَائِلِهِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: لَيْسَ لَك أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ نَفْيَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ لَا يُوجِبُ إثْبَاتَهُ وَلَا إثْبَاتَ مَا دُونَهُ، وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك بِفَتْحِ اللَّامِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَسَرَهَا فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِزَيْدٍ.

لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ التَّاجُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ لَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُك كَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: قُبِلَ فِي عَلَيَّ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِي ذِمَّتِي فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إنْ ذَكَرَهُ مُنْفَصِلًا، وَكَذَا فِيمَا لَوْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا أَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي وَدِيعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلٌ قَالَ: لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ إلَخْ فَإِنْ كَانَ قَالَ: لَهُ فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا وَدِيعَةً فَلَا يُقْبَلُ مُتَّصِلًا وَلَا مُنْفَصِلًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلِيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَبُولُهُ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا اهـ (قَوْلُهُ: كُلٌّ عَلَى انْفِرَادِهَا) أَيْ مِنْ عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا هِيَ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: صَالِحٌ لَهُمَا) أَيْ لِلدَّيْنِ وَالْعَيْنِ (قَوْلُهُ: بِالْعَيْنِ) أَيْ فَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ وَالرَّدَّ لِلْعَيْنِ الَّتِي فَسَّرَ بِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ اقْضِ) قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُهُ لَيْسَ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَأْخُذُ فِيهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مُرَادَهُ) أَيْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا) أَيْ لِأَنَّهُ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ صَادِقٌ بِكُلِّ مَا يُنْسَبُ لِزَيْدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَا يُقَرُّ بِهِ كَالْعِلْمِ وَالشُّجَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِزَيْدٍ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ لَهُ مَا فَسَّرَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ التَّاجُ) وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَقْرَبُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَشَارَ بِهِ إلَى نَفْيِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ كَذَا فَقَطْ) الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ نَفْيَ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ لِزَيْدٍ كَذَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا) أَيْ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّلَفُ أَوْ الرَّدُّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مَعًا لَكِنَّهُ مُبْهَمٌ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ مِقْدَارِ الْعَيْنِ وَمِقْدَارِ الدَّيْنِ، وَإِلَّا فَوَضَعَ الْأَوَّلُ الدَّيْنَ وَالثَّانِي الْعَيْنَ فَلَا يَحْتَاجُ فِي انْصِرَافِهِ إلَيْهِمَا إلَى رُجُوعٍ إلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ فَقَطْ يُقْبَلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ عَلَيَّ بِالْعَيْنِ، بَلْ نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ مَعِي وَعِنْدِي بِمَا فِي الذِّمَّةِ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ

<<  <  ج: ص:  >  >>