للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِحَّةَ الصَّلَاةِ (فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ) الثَّلَاثَةِ مِنْ الصَّلَاةِ احْتِيَاطًا، وَذَلِكَ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَنُشَّابٍ وَسِكِّينٍ وَوَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالشَّرْطِ الْآتِي كَالْحَمْلِ، إذْ الْحَمْلُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ وَإِنْ مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَفَى الْوَضْعُ لَاسْتَوَى وَضْعُ الرُّمْحِ فِي وَسَطِ الصَّفِّ وَحَاشِيَتِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَكْرُوهٌ، أَوْ حَرَامٌ دُونَ الثَّانِي، وَرُدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي وَضْعٍ لَا إيذَاءَ فِيهِ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّأَذِّي بِهِ حَرُمَ وَإِلَّا كُرِهَ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: ١٠٢] وَحَمْلِهِ الْأَوَّلَ عَلَى النَّدْبِ، إذْ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ تَرْكُهُ مُفْسِدًا كَغَيْرِهِ مِمَّا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَفْسُدُ بِهِ قَطْعًا لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ احْتِيَاطًا، وَيَحْرُمُ إذَا كَانَ مُتَنَجِّسًا، أَوْ مَانِعًا لِتَمَامِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَبَيْضَةٍ تَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ الْجَبْهَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إبْطَالِ الصَّلَاةِ وَالتُّرْسُ وَالدِّرْعُ لَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِسِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يُدْفَعُ بِهِ، بَلْ يُكْرَهُ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْجَعْبَةِ، كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا مِنْ السِّلَاحِ، إذْ لَيْسَ كُلُّ سِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَا يَقْتُلُ لَا مَا يُدْفَعُ بِهِ، وَلَوْ تَعَيَّنَ حَمْلُهُ أَوْ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ طَرِيقًا فِي دَفْعِ الْهَلَاكِ كَانَ وَاجِبًا، سَوَاءٌ أَزَادَ خَطَرُ التَّرْكِ أَمْ اسْتَوَى الْخَطَرَانِ، إذْ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَكَانَ ذَلِكَ اسْتِسْلَامًا لِلْكُفَّارِ، بَلْ لَوْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَجَبَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ النَّجِسِ فِي حَالِ الْقِتَالِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا أَنْدَرُ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَدُوَّ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يَجِبْ حَمْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا، وَلَا فَرْقَ فِي حَالِ الْوُجُوبِ كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَالْمُتَنَجِّسِ وَالْبَيْضَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْجَبْهَةِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْوَضْعُ فِي الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ الِاتِّقَاءُ بِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ خَافَ أَنْ يُصِيبَ رَأْسَهُ سَهْمٌ لَوْ نَزَعَ الْبَيْضَةَ الْمَانِعَةَ لَهُ مِنْ السُّجُودِ فَلَا يَتْرُكُ حَمْلَهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْحَمْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ.

(الرَّابِعُ) مِنْ الْأَنْوَاعِ الصَّلَاةُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَحَلِّ هَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

سَجَدُوا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ

(قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ الْآتِي) أَيْ وَهُوَ سُهُولَةُ التَّنَاوُلِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ وَضْعُ الرُّمْحِ فِي الْوَسَطِ، وَقَوْلُهُ دُونَ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَحَاشِيَتُهُ (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّأَذِّي بِهِ حَرُمَ) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا جَازَ بَلْ وَجَبَ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَكَذَا لَوْ آذَى غَيْرَهُ فَيَجِبُ حَمْلُهُ حِفْظًا لِنَفْسِهِ، وَلَا نَظَرَ لِضَرَرِ غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاضْطِرَارِ حَيْثُ قَدَّمَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِمُضْطَرٍّ آخَرَ تَقْدِيمًا لِنَفْسِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالْجَعْبَةِ) كَكَلْبَةٍ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلِمِينَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَوْ نَزَعَ الْبَيْضَةَ الْمَانِعَةَ لَهُ مِنْ السُّجُودِ فَلَا يَتْرُكُ حَمْلَهُ) وَهَلْ إذَا صَلَّى كَذَلِكَ تَجِبُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَقَّ عَلَيْهِ نَزْعُ الْعِصَابَةِ لِجِرَاحَةٍ تَحْتَهَا صَلَّى عَلَى حَالِهِ وَلَا إعَادَةَ مَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَهَا نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَنَّهُ لَا إعَادَةَ هُنَا.

لَكِنْ فِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ كحج مَا يَقْتَضِي الْإِعَادَةَ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعُذْرَ ثَمَّ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْجِرَاحَةُ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، فَإِنَّ إصَابَةَ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إذْ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ تَرْكُهُ مُفْسِدًا) فِيهِ أَنَّ الْوُجُوبَ هُنَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي تَرْكَهُ مَا ذَكَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ آخِرَ السِّوَادَةِ (قَوْلُهُ: كَبَيْضَةٍ) لَا وَجْهَ لِاسْتِئْنَائِهَا لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي السِّلَاحِ الْمُرَادِ هُنَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا مَا يَأْتِي إلَخْ) كَلَامٌ قَاصِرٌ عَنْ أَدَاءِ الْمُرَادِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَجَبَ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ نَجِسًا وَمَانِعًا لِلسُّجُودِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَخُوفُ الْهَلَاكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>