مَالِهِ: أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ غَيْبَةُ مَالِهِ فِي مَرْحَلَتَيْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي " وَالْمَذْهَبُ نَقْلٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ اخْتَارَ كَثِيرُونَ الْفَسْخَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَلَا فَسْخَ بِغَيْبَةِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ يَسَارًا وَإِعْسَارًا بَلْ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَابَ مُعْسِرًا لَمْ تُفْسَخْ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِإِعْسَارِهِ الْآنَ وَإِنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهَا لِلِاسْتِصْحَابِ (وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ) وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا بِنَحْوِ اسْتِدَانَةٍ (فَإِنْ كَانَ) مَالُهُ (بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَأَكْثَرَ مِنْ مَحَلِّهِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) وَلَا تُكَلَّفُ الْإِمْهَالَ لِلضَّرَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْسِرِ الْآتِي أَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الْقُدْرَةُ لِتَيَسُّرِ اقْتِرَاضِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أُحْضِرُهُ وَأَمْكَنَهُ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ الْآتِيَةِ أُمْهِلَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَلَى دُونِهَا (فَلَا) فَسْخَ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (وَيُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ) عَاجِلًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ هُنَا لِلْخَوْفِ لَمْ تُفْسَخْ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ
(وَلَوْ) (تَبَرَّعَ رَجُلٌ) لَيْسَ أَصْلًا وَلَا سَيِّدًا لِلزَّوْجِ (بِهَا) عَنْهُ وَسَلَّمَهَا لَهَا (لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ) بَلْ لَهَا الْفَسْخُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لَهُ وَهُوَ سَلَّمَهَا لَهَا لَزِمَهَا الْقَبُولُ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ أَبَا الزَّوْجِ أَوْ جَدًّا لَهُ وَهُوَ فِي وِلَايَتِهِ لَزِمَهَا الْقَبُولُ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الزَّوْجِ تَقْدِيرًا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مِثْلَهُ وَلَدُ الزَّوْجِ وَسَيِّدُهُ، قَالَ: وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا أَعْسَرَ الْأَبُ وَتَبَرَّعَ وَلَدُهُ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْأَوْجَهِ، وَفِيمَا بَحَثَهُ فِي الْوَلَدِ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْفَافُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
قِيلَ: وَكَذَا فِي السَّيِّدِ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِمْ الَّتِي نَظَرُوا إلَيْهَا مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُوَجَّهَ مَا قَالَهُ فِي السَّيِّدِ بِأَنَّ عَلَقَتَهُ بِقِنِّهِ أَتَمُّ مِنْ عَلَقَةِ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ (وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ) الْحَلَالِ اللَّائِقِ، وَمِثْلُ الْكَسْبِ غَيْرُهُ إذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ بِمُبَاشَرَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْمَالِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قُدِّرَتْ وَاقْتَرَضَتْهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ عَنْ الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ مُقِيمٌ بِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَشْهَدْ بِإِعْسَارِهِ الْآنَ) أَيْ فَلَهَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهَا) أَيْ مَنْ شَهِدَتْ الْآنَ: يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ بِإِعْسَارِهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا إنَّمَا شَهِدَتْ مُعْتَمِدَةً عَلَى الِاسْتِصْحَابِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِ شَيْءٍ لَهُ وَكَمَا يَقْبَلُهَا الْقَاضِي مَعَ ذَلِكَ، لِلْبَيِّنَةِ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّهَادَةِ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ لِلِاسْتِصْحَابِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ أُمْهِلَ أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ عَاجِلًا) أَيْ فَإِنْ أَبَى فُسِخَتْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَفْسَخْ) مُعْتَمَدٌ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاقْتِرَاضِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يُفْسَخْ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ: أَيْ التَّعَذُّرُ
(قَوْلُهُ: الْمُتَبَرِّعُ لَهُ) أَيْ لِأَجَلِهِ وَهُوَ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: إنَّ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ أَبِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: نَظَرٌ ظَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَبُولُ وَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ عَنْ الزَّوْجِ أَصْلُهُ الَّذِي لَيْسَ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إدْخَالِ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْكَسْبِ) أَيْ اللَّائِقِ، وَقَوْلُهُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ السُّؤَالُ لِلْغَيْرِ حَيْثُ كَانَ لَائِقًا بِهِ
[حاشية الرشيدي]
بَحْثًا إلَّا مَنْ تَخْدُمُ لِنَحْوِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَخْدُمُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ غَيْبَةَ مَالِهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَالُهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ بِغَيْبَةِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ وَاحْتَمَلَ أَنَّ مَالَهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ) أَيْ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَكُنْ مَالُهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ مُوسِرًا وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِذَا غَابَ هُوَ مُوسِرًا فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا (قَوْلُهُ: لَمْ تُفْسَخْ) وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَمْ تُفْسَخْ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ انْتَهَتْ وَهِيَ الصَّوَابُ كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: وَلَا سَيِّدًا) كَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ ذِكْرِهِ هُنَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ مَعَهُ الْوَلَدَ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْإِعْفَافُ (قَوْلُهُ: وَتَبَرَّعَ وَلَدُهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِالتَّبَرُّعِ هُنَا تَسَمُّحٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لِبَحْثِهِ لِأَنَّ نَصَّ الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ كِفَايَةَ أَصْلِهِ وَزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى) مِنْ تَمَامِ الْقِيلِ لِيُنَاسِبَ التَّعْبِيرَ بِقِيلِ وَالْقَائِلُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ، وَعِبَارَتُهُ بَدَلٌ فَالْأَوْلَى إلَخْ. إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْكَسْبِ غَيْرُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ اللَّائِقِ نَصُّهَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute