للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنِّسْبَةِ لِلتَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْمَيِّتِ، أَمَّا هُوَ بِدُونِ تَفْوِيضٍ فَمَنْدُوبٌ.

(وَلَا يُقَرَّبُ الْمُحْرِمُ طِيبًا) إذَا مَاتَ أَيْ يَحْرُمُ تَطْيِيبُهُ وَطَرْحُ الْكَافُورِ فِي مَاءِ غُسْلِهِ كَمَا يَمْتَنِعُ فِعْلُهُ فِي كَفَنِهِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ) أَيْ يَحْرُمُ إزَالَةُ ذَلِكَ مِنْهُ إبْقَاءً لِإِثْرِ الْإِحْرَامِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْغَزِّيِّ وَذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى أَنَّ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ إيجَابُهَا عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَ نَائِمٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ أَمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْبَخُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ كَجُلُوسِ الْحَيِّ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا قِيلَ مِنْ كَرَاهَةِ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ بِقَصْدِ الرَّائِحَةِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حَلْقِ رَأْسِهِ إذَا مَاتَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَلْقٌ وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ، أَوْ سَعْيٌ (وَتُطَيَّبُ الْمُعْتَدَّةُ) الْمُحَدَّةُ (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا يَحْرُمُ تَطْيِيبُهَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهَا إنَّمَا كَانَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرِّجَالِ وَلِلتَّفَجُّعِ عَنْ الزَّوْجِ وَقَدْ زَالَا بِالْمَوْتِ وَالثَّانِي يَحْرُمُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْرِمِ وَرُدَّ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِي الْمُحْرِمِ كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ.

(وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ) الْمَيِّتِ (الْمُحْرِمِ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَشَارِبِهِ) لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِيهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يُسْتَحَبُّ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَالْحَيِّ وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنْ اعْتَادَ إزَالَتَهُ حَيًّا؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِالْإِسْرَاعِ الْمُنَافِي لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى وَصَحَّ النَّهْيُ عَنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْكَرَاهَةَ عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فَهُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَاسِقًا وَلَا صَبِيًّا وَإِنْ مَيَّزَ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ.

وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ مُكَلَّفًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلتَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ) فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتَهُ فَفَعَلَتْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيضٌ، إذْ صُورَةُ التَّفْوِيضِ أَنْ يَمْتَنِعَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ مِنْ الْفِعْلِ وَيُفَوِّضَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا هُوَ) أَيْ التَّرْتِيبُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ تَفْوِيضٌ فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: ثُمَّ إنْ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ أَوْ اُنْتُتِفَ بِتَسْرِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ صُرَّ فِي كَفَنِهِ لِيُدْفَنَ مَعَهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ صُرَّ إلَخْ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ سُنَّةٌ. وَأَمَّا أَصْلُ دَفْنِهِ فَوَاجِبٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا انْفَصَلَ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ حَيٍّ وَمَاتَ عَقِبَ انْفِصَالِهِ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ يَسِيرًا يَجِبُ دَفْنُهُ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ م ر اهـ. وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُرَدُّ الْمُنْتَتَفُ إلَيْهِ. وَأَمَّا دَفْنُهُ فَسَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْهُ مَا لَوْ تَقَطَّعَتْ مَصَارِينُ الْمَيِّتِ وَنَزَلَتْ فَيَجِبُ دَفْنُهَا، وَيُسَنُّ كَوْنُهَا مَعَهُ فِي كَفَنِهِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) لَفْظُهُ «لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَعِبَارَةُ الْبُخَارِيِّ: «لَا تَمَسُّوهُ طِيبًا» ، وَبِلَفْظٍ: «وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ» اهـ. وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ شَارِحُهُ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَلَهُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِ الْمِيمِ فِي اللَّفْظَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَيِّتِ) أَيْ فَلَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ بِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ حُرْمَةِ التَّطْيِيبِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالْبَخُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ) أَيْ بَلْ وَلَا قَبْلَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يُسَنُّ أَنْ يُبَخَّرَ عِنْدَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ) هَلْ الْمُرَادُ لَا يَجُوزُ أَوْ لَا يُطْلَبُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَحْرُمُ تَطْيِيبُهَا) أَيْ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ النَّهْيُ عَنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ) وَهُوَ مَا لَمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حَلْقِ رَأْسِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا حُرْمَةُ الْحَلْقِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ إلَخْ أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الْحَلْقِ لَا أَصْلُهُ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ هَذِهِ مِنْ الْحَزَازَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>