للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ مِنْهُنَّ لِقُوَّتِهِمْ، وَلِهَذَا يَرِثُونَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ وَيُنَفِّذُونَ وَصَايَاهُ، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ وُجُودِهِمْ، وَقُدِّمَتْ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ فِي غُسْلِ الْإِنَاثِ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقْنَ مِنْهُنَّ وَلِضَعْفِ الْوَلَاءِ فِي الْإِنَاثِ، وَلِهَذَا لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا عَتِيقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا لَهُ بِنَسَبٍ، أَوْ وَلَاءٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَوَاتِ الْوَلَاءِ مَحَارِمُ الرَّضَاعِ، ثُمَّ مَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْنَهُمَا تَرْتِيبًا، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ بَعِيدَةٍ هِيَ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ عَلَى بِنْتِ عَمٍّ أَقْرَبَ مِنْهَا بِلَا مَحْرَمِيَّةٍ (ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهَا أَلْيَقُ (ثُمَّ رِجَالُ الْقَرَابَةِ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ) لِأَنَّهُمْ أَشْفَقُ عَلَيْهَا وَيَطَّلِعُونَ غَالِبًا عَلَى مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْغَيْرُ.

(قُلْت: إلَّا ابْنَ الْعَمِّ وَنَحْوَهُ) مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ (فَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ لَا حَقَّ لَهُ فِي غُسْلِهَا قَطْعًا لِحُرْمَةِ نَظَرِهِ لَهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ حَقٌّ (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ) أَيْ رِجَالِ الْقَرَابَةِ الْمَحَارِمِ (الزَّوْجُ) حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَا لَا يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَدُومُ وَالنِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى الزَّوْجِ، وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ الِاتِّحَادُ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ الْكُفْرِ، وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا مُكَلَّفًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ وَلَوْ بِحَقٍّ كَمَا فِي إرْثِهِ مِنْهُ، وَكَذَا الْكَافِرُ الْبَعِيدُ أَوْلَى بِالْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْقَاتِلِ الْقَرِيبَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ فِي الْأَوْلَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَاتِلِ بِحَقٍّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ بَلْ صَرِيحُهُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَدَّمُوا ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ وَيُنَفِّذُونَ وَصَايَاهُ، فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ حَاصِلٌ لَهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى الْإِرْثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ قَضَاءَ الدُّيُونِ وَتَنْفِيذَ الْوَصَايَا إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ وَرَثَةً، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ حَيْثُ وَرِثُوا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْنَهُمَا تَرْتِيبًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ أَخَذَ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِمَعْنًى قَامَ عِنْدَهُ كَأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالرَّضَاعِ أَقْوَى، لِمَا وَرَدَ أَنَّ اللَّحْمَ يَتَرَبَّى مِنْ اللَّبَنِ، فَكَأَنَّهُ حَصَلَ جُزْءٌ مِنْ الْمُرْضِعَةِ فِي بَدَنِ الرَّضِيعِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُصَاهَرَةُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ) فِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ عُمُومِهِ أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ الْبَعِيدَةَ إذَا كَانَتْ أُمًّا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتًا تُقَدَّمُ عَلَى بِنْتِ الْعَمِّ الْقَرِيبَةِ.

وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ حَيْثُ النِّسْبَةُ وَلِذَا لَمْ يُعَبِّرْ بِالرَّضَاعِ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: هِيَ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمُصَاهَرَةَ كَذَلِكَ كَبِنْتِ ابْنِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَةِ حَيْثُ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا (قَوْلُهُ: عَلَى بِنْتِ عَمٍّ) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بِنْتَيْ الْعَمِّ، وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ حَجّ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَبِنْتُ الْخَالَةِ مَعَ بِنْتِ ابْنِ الْخَالِ إذَا كَانَ لِلْبَعْدِيِّ مَحْرَمِيَّةٌ مِنْ الرَّضَاعِ تُقَدَّمُ عَلَى الْقُرْبَى (قَوْلُهُ: كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: نَعَمْ الْأَفْقَهُ أَحَقُّ مِنْ الْأَسَنِّ هُنَا، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَالَ سم: وَقَوْلُهُ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ أَحَقُّ اهـ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ) أَيْ شَرْطُ كَوْنِهِ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ عَلَى غَيْرِهِ مَا ذُكِرَ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْكَافِرِ تَغْسِيلُ الْمُسْلِمِ وَلَا عَلَى الْقَاتِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلذِّمِّيَّةِ تَغْسِيلُ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَهَذَا عَدَّاهُ السُّبْكِيُّ إلَى غَيْرِ غُسْلِهِ فَقَالَ: لَيْسَ لِقَاتِلِهِ حَقٌّ فِي غُسْلِهِ وَلَا الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا دَفْنِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا) قَالَ حَجّ: وَأَنْ لَا يَكُونَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي تَقْدِيمِ رِجَالِ الْقَرَابَةِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمْ مُؤَخَّرُونَ عَنْهُنَّ اتِّفَاقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>