للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ إجَابَتَهُمْ إلَيْهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ، وَحَيْثُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَا يُجِيبُونَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ فَلَا مَعْنَى لِلْمُمَاسَكَةِ لِوُجُوبِ قَبُولِ الدِّينَارِ، وَعَدَمِ جَوَازِ إجْبَارِهِمْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حِينَئِذٍ، وَالْمُمَاكَسَةُ تَكُونُ عِنْدَ الْعَقْدِ إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَشْخَاصِ فَحَيْثُ عَقَدَ عَلَى شَيْءٍ امْتَنَعَ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ عِنْدَ الْأَخْذِ إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ كَصِفَةِ الْغَنِيِّ أَوْ التَّوَسُّطِ، وَحِينَئِذٍ فَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مُمَاكَسَتُهُمْ حَتَّى (يَأْخُذَ مِنْ) كُلِّ (مُتَوَسِّطٍ) آخِرَ الْحَوْلِ، وَلَوْ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ (دِينَارَيْنِ فَأَكْثَرَ وَ) مِنْ كُلِّ (غَنِيٍّ) كَذَلِكَ (أَرْبَعَةً) مِنْ الدَّنَانِيرِ فَأَكْثَرَ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ هُنَا وَفِي الضِّيَافَةِ بِالنَّفَقَةِ بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ إلَيْهِ لَا بِالْعَاقِلَةِ، إذْ لَا مُوَاسَاةَ هُنَا وَلَا بِالْعُرْفِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ، أَمَّا السَّفِيهُ فَيَمْتَنِعُ عَقْدُهُ أَوْ عَقْدُ وَلِيِّهِ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ، فَإِنْ عَقَدَ رَشِيدٌ بِأَكْثَرَ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ اتَّجَهَ لُزُومُهُ مَا عَقَدَ بِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، ثُمَّ سَفِهَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْأَكْثَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ) (عُقِدَتْ بِأَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ (ثُمَّ عَلِمُوا جَوَازَ دِينَارٍ) (لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ) كَمَنْ غُبِنَ فِي الشِّرَاءِ (فَإِنْ أَبَوْا) مِنْ بَذْلِ الزِّيَادَةِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ نَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ بِذَلِكَ فَيَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِمْ مَا يَأْتِي، وَالثَّانِي لَا وَيُقْنَعُ مِنْهُمْ بِالدِّيَارِ

(وَلَوْ) (أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ) أَوْ جُنَّ (أَوْ مَاتَ) أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ كَبَقِيَّةِ الدُّيُونِ فَتُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ فِي غَيْرِ حَجْرِ الْفَلَسِ، وَيُضَارَبُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ فِيهِ، وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ (بَعْدَ) سَنَةٍ أَوْ (سِنِينَ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا) وَالْإِرْثِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ، وَإِلَّا فَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَجَبَتْ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ عَقَدَ بِأَقَلَّ أَثِمَ وَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْعَقْدِ بِمَا عَقَدَ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّفْقُ بِهِمْ تَأَلُّفًا لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَمُحَافَظَةً لَهُمْ عَلَى حَقْنِ الدِّمَاءِ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ) أَيْ الْمُمَاكَسَةُ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ) أَيْ آخِرَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: كَالنَّفَقَةِ) نَقَلَ سم عَدَمَ اعْتِمَادِ أَنَّهُ كَالْعَاقِلَةِ، وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ فَوْقَ عِشْرِينَ دِينَارًا بَعْدَ الْجِزْيَةِ، وَكَتَبَ قَوْلَهُ كَنَفَقَةٍ: أَيْ بِأَنْ يَزِيدَ دَخْلُهُ عَلَى خَرْجِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِالْعَاقِلَةِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ بَعْدَ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا وَالْمُتَوَسِّطُ بَعْدَ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ عَقْدُهُ) أَيْ يَمْتَنِعُ عَلَيْنَا وَعَلَى وَلِيِّهِ الْعَقْدُ مَعَهُ، وَإِنْ رَغِبَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ) أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ مُدَّةَ بَقَائِهِمْ

(قَوْلُهُ: أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ إلَخْ) قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ رَشِيدًا ثُمَّ سَفِهَ يَجِبُ مَا عَقَدَ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَاكَ فِيمَا لَوْ اسْتَمَرَّ رُشْدُهُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ، وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ حُجِرَ فِي الْأَثْنَاءِ، وَفِي نُسَخٍ إسْقَاطُ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَقَوْلِ الشَّيْخِ إلَخْ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلَهُ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَذَا فِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ سم بِهَامِشِهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَوْ سَفَهٍ خَالَفَهُ م ر فِي هَذَا وَالْمُخَالَفَةُ مُتَعَيِّنَةٌ، وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُ هَذَا النَّقْلَ فِي قَوْلِهِ وَقَوْلِ الشَّيْخِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ فَلَسٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الِاسْتِحْبَابَ مُغَيَّا بِأَحَدِ دِينَارَيْنِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَأَرْبَعَةٍ مِنْ الْغَنِيِّ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلَّةٍ أُخْرَى لِاسْتِحْبَابِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ) أَيْ الْوَكِيلُ: أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عِنْدَ الْأَخْذِ إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ إلَخْ) كَعَقَدْت لَكُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ أَرْبَعَةً وَالْمُتَوَسِّطِ دِينَارَانِ وَالْفَقِيرِ دِينَارٌ مَثَلًا، ثُمَّ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ يَقُولُ بَلْ أَنْتَ غَنِيٌّ مَثَلًا فَعَلَيْك أَرْبَعَةٌ، هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الشَّارِحِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاكَسَةِ هُنَا مُنَازَعَتُهُ فِي الْغِنَى وَضِدَّيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُمَاكَسَةَ الْمَارَّةَ. ثُمَّ إطْلَاقُهُ، يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ مُنَازَعَتِهِ فِي نَحْوِ الْغَنِيِّ وَإِنْ عُلِمَ فَقْرُهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِهِ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ لِلْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ.

فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ عَقْدُهُ أَوْ عَقْدُ وَلِيِّهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ عَقْدُ السَّفِيهِ بِدِينَارٍ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: اسْتَقَرَّتْ) يَعْنِي لَمْ تَسْقُطْ وَإِلَّا فَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ وَمِنْ مَالِهِ فِي غَيْرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>