لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْفَيْءِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَغْرَقٍ أَخَذَ الْإِمَامُ مِنْ نَصِيبِهِ قِسْطَهُ، وَسَقَطَ الْبَاقِي (وَيُسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِالْكُلِّ ضَارَبَهُمْ الْإِمَامُ بِقِسْطِ الْجِزْيَةِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تَقَدَّمَ هِيَ فِي قَوْلِهِ وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ فِي قَوْلٍ وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلٍ (أَوْ) أَسْلَمَ أَوْ جُنَّ أَوْ مَاتَ (فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ) لِمَا مَضَى وَاجِبٌ فِي مَالِهِ أَوْ تَرِكَتِهِ كَالْأُجْرَةِ، وَالْقَوْلُ فِي وَقْتِ إسْلَامِهِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إذَا حَضَرَ وَادَّعَاهُ، وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فِي خِلَالِهَا ضَارَبَ الْإِمَامُ مَعَ الْغُرَمَاءِ حَالًا إنْ قُسِّمَ مَالُهُ، وَإِلَّا فَآخِرُ الْحَوْلِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ سَفَهٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ
(وَتُؤْخَذُ) الْجِزْيَةُ مَا لَمْ تُؤَدَّ بِاسْمِ زَكَاةٍ (بِإِهَانَةٍ) (فَيَجْلِسُ الْآخِذُ، وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبُ) بِكَفِّهِ مَفْتُوحَةً (لِهْزِمَتَيْهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّاي وَهُمَا مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ: أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَحَدِهِمَا، وَيَقُولُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَدِّ حَقَّ اللَّهِ (وَكُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ (مُسْتَحَبٌّ، وَقِيلَ وَاجِبٌ) إذْ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ الصَّغَارَ فِي الْآيَةِ بِذَلِكَ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ) (تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ (بِالْأَدَاءِ) لَهَا (وَحَوَالَةٍ) بِهَا (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (وَ) لِلْمُسْلِمِ (أَنْ يَضْمَنَهَا) عَنْ الذِّمِّيِّ، وَيَمْتَنِعُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الثَّانِي لِفَوَاتِ الْإِهَانَةِ الْوَاجِبَةِ حَتَّى فِي تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مَقْصُودٌ بِالصَّغَارِ (قُلْتُ: هَذِهِ الْهَيْئَةُ بَاطِلَةٌ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ أَصْلٍ لَهَا مِنْ السُّنَّةِ، وَلَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَلْ تُؤْخَذُ بِرِفْقٍ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَفِيهِ تَحَمُّلٌ عَلَى الذَّاكِرِينَ لَهَا، وَالْخِلَافُ فِيهَا الْمُسْتَنِدُ إلَى تَفْسِيرِ الصَّغَارِ فِي الْآيَةِ بِهَا الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ، وَيَكْفِي فِي الصَّغَارِ الْتِزَامُ أَحْكَامِهَا (وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا) فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ (أَشَدُّ خَطَأً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَيَحْرُمُ فِعْلُهَا إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَأَذِّيهِ بِهَا وَإِلَّا فَتُكْرَهُ
(وَيُسْتَحَبُّ) وَقِيلَ يَجِبُ (لِلْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (إذَا أَمْكَنَهُ) شَرْطُ الضِّيَافَةِ عَلَيْهِمْ لِقُوَّتِنَا مَثَلًا (أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ إذَا صُولِحُوا فِي بَلَدِهِمْ) أَوْ بِلَادِنَا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا غَيْرَ مُجَاهِدٍ لِلِاتِّبَاعِ، وَيَتَّجِهُ عَدَمُ دُخُولِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ السَّنَةِ عَلَى مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: فَقِسْطٌ إلَخْ) مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ فَلَهَا نِصْفُ التَّرِكَةِ، وَيُؤْخَذُ قِسْطُ الْجِزْيَةِ مِنْ ذَلِكَ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي يَكُونُ فَيْئًا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ لِأَنَّ الشَّارِحَ نَفْسَهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يُعْقَدُ لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَأَنْ لَا يَبْطُلَ إذَا طَرَأَ السَّفَهُ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا لَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فَلَا يُقَالُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ نِصْفَ السَّنَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ دِينَارَانِ لِلْمَاضِي وَنِصْفُ دِينَارٍ لِلْبَاقِي
(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الدُّيُونِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَحَمُّلٌ إلَخْ) أَيْ مُبَالَغَةٌ فِي الِاعْتِرَاضِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ سَفَهٍ) يَعْنِي ذِكْرَهُ لَهُ فِي جُمْلَةِ مَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ أَسْلَمَ فِي خِلَالِ سَنَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِسْطُ وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ رَشِيدٌ وَيَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْقِسْطِ مِنْهُ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ كَمَا أَوْضَحَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي الصِّغَارِ الْتِزَامُ أَحْكَامِنَا) هَذَا مَحَلُّ ذِكْرِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَفِيهِ تَحَمُّلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَحَمُّلٌ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ حَتَّى تَتِمَّ زِيَادَةُ الْمُصَنِّفِ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ وَالْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ إلَخْ) مَحَلُّ ذِكْرِهِ أَيْضًا قَبْلَ قَوْلِهِ وَفِيهِ تَحَمُّلٌ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ أَشَدُّ خَطَأً) أَيْ مِنْ دَعْوَى أَصْلِ جَوَازِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا مِنْ دَعْوَى وُجُوبِهَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، فَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَسَبَقَهُ إلَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ دَعْوَى الْوُجُوبِ أَشَدُّ خَطَأً بِالْأَوْلَى مِنْ دَعْوَى الْجَوَازِ كَذَا ذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ قَاسِمٍ