للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا جَازَ بِهِ كَالْقِرَاضِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي مَعْنَى مُطْلَقًا انْدَفَعَ مَا قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِمُطْلَقِ الْبَيْعِ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ: بِعْ كَذَا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِبَلَدٍ وَلَا أَجَلٍ وَلَا نَقْدٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ لِتَقْيِيدِ الْبَيْعِ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْبَيْعُ لَا بِقَيْدٍ اهـ.

وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مُطْلَقًا حَالٌ مِنْ الْبَيْعِ الْمُرَادِ بِهِ الْبَيْعُ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى صِفَةِ ثَمَنٍ كَبِعْ هَذَا أَوْ كَبِعْهُ بِأَلْفٍ، فَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ فِي صِفَاتِهِ فَانْدَفَعَ قَوْلُهُ فَإِنَّ صُورَتَهُ إلَى آخِرِهِ، وَكَذَا مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ (وَلَا) الْبَيْعُ (بِنَسِيئَةٍ) وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ غَالِبًا الْحُلُولُ مَعَ الْخَطَرِ فِي النَّسِيئَةِ (وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا) فِي الْمُعَامَلَةِ كَدِرْهَمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ إذْ النُّفُوسُ تَشِحُّ بِهِ، بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَدِرْهَمٍ فِيهَا.

نَعَمْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: الْعَشَرَةُ إنْ سُومِحَ بِهَا فِي الْمِائَةِ فَلَا يُتَسَامَحُ بِالْمِائَةِ فِي الْأَلْفِ، فَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُمَا عَنْ الرُّويَانِيِّ إنَّهُ يَخْتَلِفُ بِأَجْنَاسِ الْأَمْوَالِ، لَكِنْ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: إنَّ الْيَسِيرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، فَرُبْعُ الْعُشْرِ كَثِيرٌ فِي النَّقْدِ وَالطَّعَامِ وَنِصْفُهُ يَسِيرٌ فِي الْجَوَاهِرِ وَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهِمَا مَحَلُّ نَظَرٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ زَمَنِهِ إذْ الْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ بِمَا يَتَسَامَحُ بِهِ فِيهَا.

وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَثَمَّ رَاغِبٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَلَامِ الشَّارِحِ الثَّانِي، وَلَوْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ الْأَنْفَعَ حِينَئِذٍ كَالْمَعْدُومِ (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ مَا قِيلَ إلَخْ) أَيْ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِمَا قَرَّرْته بِهِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ أَوَّلَ وُجُوهِ إعْرَابِهِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ وَلَوْ بِمَعْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الْمُوَكِّلِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ يَنْبَغِي إلَخْ، وَوَجْهُ تَرْتِيبِهِ أَنَّهُ جَعَلَ كَوْنَ صُورَتِهِ كَذَا عِلَّةً، وَالْمَعْلُولُ مُرَتَّبٌ عَلَى عِلَّتِهِ تَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ أَوْ تَأَخَّرَ (قَوْلُهُ: بِنَسِيئَةٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ وَقْتَ نَهْبٍ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ نَسِيئَةً لِمَنْ يَأْتِي إذَا حُفِظَ عَنْ النَّهْبِ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ وَقْتَ الْأَمْنِ ثُمَّ عَرَضَ النَّهْبُ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ قَاضِيَةٌ قَطْعًا بِرِضَاهُ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْهُ بِبَلَدِ أَوْ سُوقِ كَذَا وَأَهْلُهُ لَا يَشْتَرُونَ إلَّا نَسِيئَةً وَعَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَلَهُ الْبَيْعُ نَسِيئَةً حِينَئِذٍ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَأَذْكُرُهُ آخِرَ مَهْرِ الْمِثْلِ عَنْ السُّبْكِيّ كَالْعِمْرَانِيِّ أَنَّ الْوَلِيَّ يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ بِمُؤَجَّلٍ اُعْتِيدَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته، لَكِنْ سَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ لَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا حَجّ، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ السُّبْكِيّ وَالْعِمْرَانِيِّ نَصُّهَا: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ هُنَا مَا فِي الْوَلِيِّ إذَا بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ لِلْمَصْلَحَةِ مِنْ يَسَارِ الْمُشْتَرِي وَعَدَالَتِهِ وَغَيْرِهِمَا وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيمَنْ يَعْتَدْنَهُ: أَيْ الْأَجَلِ أَنْ يَعْتَدْنَ أَجَلًا مُعَيَّنًا مُطَّرِدًا فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ اُحْتُمِلَ إلْغَاؤُهُ وَاحْتُمِلَ اتِّبَاعُ أَقَلِّهِنَّ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: أَقَلِّهِنَّ فِيهِ هُوَ الْأَقْرَبُ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَيْهِ إذْ الْأَقَلُّ فِي ضِمْنِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْيَسِيرِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَيْثُ لَا رَاغِبَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ الثَّمَنَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ إذَا وُجِدَ رَاغِبًا كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يُفَرَّقُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَأْخُذُ بِكَامِلِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَثَمَّ رَاغِبٌ) أَيْ وَلَوْ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّقْيِيدُ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ.

قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهُوَ يُفْهِمُ الصِّحَّةَ إذَا وُجِدَ الرَّاغِبُ بِاَلَّذِي يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ الْعُرْفُ فِي مِثْلِهِ جَارٍ بِالْمِسَاحَةِ وَعَدَمِ الْفَسْخِ لِلزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَرَ مَصْلَحَةً فِي الْبَيْعِ بِالْأَقَلِّ كَأَنْ يَكُونَ مَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ بِالزِّيَادَةِ يُوَاكِسُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ يُخْشَى مِنْهُ خُرُوجُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَهْلِ الْبَلَدِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَمَحَلُّ الِامْتِنَاعِ بِالْعَرَضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ الْبَيْعُ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ) لَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطُوا لَفْظَ لَا قَبْلَ قَوْلِهِ بِقَيْدٍ حَتَّى يُلَاقِيَ مَا مَرَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ نَظَرٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلتَّمْثِيلِ خَاصَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>