أَوْ حَدَثٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَتَى جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي عِدْلِ الرَّهْنِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ إلَى آخِرِهِ بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِ فَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَوْ بَاعَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ضَمِنَهُ) لِلْحَيْلُولَةِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّسَلُّمِ وَلَوْ فِي مِثْلِيٍّ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، فَإِنْ تَلِفَ وَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ طَالَبَ الْمُشْتَرِي بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَإِنْ صَحَّ وَتَعَدَّى الْوَكِيلُ بِالتَّسْلِيمِ، فَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِالْبَدَلِ الْمَذْكُورِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بِرَدِّهِ فِي صُورَةِ الْبُطْلَانِ لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهِ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ بِبَيْعٍ بَاطِلٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَلَهُ حِينَئِذٍ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَيَدُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الثَّمَنِ مُسْتَحَقًّا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْأُمُورَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَا نَظَرَ إلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ.
ثُمَّ رَأَيْت الْأَوَّلَ فِي الْخَطِيبِ حَيْثُ قَالَ: وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاغِبُ مُمَاطِلًا وَلَا مُتَجَوِّهًا وَلَا مَالُهُ وَلَا كَسْبُهُ حَرَامًا اهـ
(قَوْلُهُ: أَوْ حَدَثَ) أَيْ الرَّاغِبُ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي امْتَنَعَ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ فِيمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ. وَقَوْلُهُ: جَمِيعُ مَا مَرَّ، وَمِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُفْسَخْ انْفَسَخَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَيْضًا هُنَا مَا لَوْ اجْتَهَدَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهَا فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ لِلْحَيْلُولَةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَحْضَرَ بَدَلَهُ وَكَانَ مُسَاوِيًا لِمَا غَرِمَهُ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بَدَلَ مَا غَرِمَهُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِتَرَاضِيهِمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ.
أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَخْذَ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْمُوَكِّلُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَيْنٌ وَالْقِيمَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا دَيْنٌ، وَالتَّقَاصُّ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ دَيْنَيْنِ اسْتَوَيَا، فَلَوْ تَلِفَتْ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْآخِذِ ضَمِنَهَا، فَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ بِهِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَتَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ التَّقَاصِّ حَصَلَ التَّقَاصُّ، وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ ضَمِنَهُ لِلْحَيْلُولَةِ: أَيْ وَيَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ التَّصَرُّفُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ كَمِلْكِ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ أَيْ الْوَكِيلَ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ مُطْلَقًا فَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْمِثْلِيِّ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا الَّتِي غَرِمَهَا أَوْ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْمَضْمُونُ بِهِ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ، وَإِذَا أَخَذَهُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي دَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ وَاسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْقِيمَةِ وَغَرِمَ لَهُ الْمِثْلَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ مَتَاعَهُ الْآنَ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ) لَيْسَ هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى خُصُوصِ مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ بَاطِلٌ دَائِمًا، فَلَعَلَّهُ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ فِيمَا لَوْ تَعَدَّى الْوَكِيلُ بِالتَّسْلِيمِ لَا بِقَيْدِ مَا الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ: طَالَبَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْبَدَلِ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْبَدَلِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ بِالْبَيْعِ، وَحَيْثُ صَحَّ فَقَدْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَاسْتَحَقَّ الْبَائِعُ عَلَيْهِ ثَمَنَهُ، وَاَلَّذِي فَوَّتَهُ بِالتَّسْلِيمِ إنَّمَا هُوَ الثَّمَنُ فَكَيْفَ يُطَالِبُ بِالْبَدَلِ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ بِالْبَدَلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ الْآتِي ضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ إلَخْ أَنَّهُ الْقِيمَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَاقِيًا) وَهُوَ يَزُولُ الضَّمَانُ بِالِاسْتِرْدَادِ أَوْ لَا يَزُولُ إلَّا بِبَيْعِهِ ثَانِيًا أَوْ بِاسْتِئْمَانٍ مِنْ الْمَالِكِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِالْبَيْعِ لَا يَزُولُ ضَمَانُهُ بِاسْتِرْدَادِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ) قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَلَا يَنْعَزِلُ فِي الْأَصَحِّ: فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ وَلَمْ يَصِحَّ) أَيْ كَمَا هُوَ الصُّورَةُ هُنَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَعْدُ فَإِنْ صَحَّ إلَى آخِرِهِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالثَّمَنِ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِيمَا قَرَّبَهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ مِنْ الْقَلَاقَةِ وَنُسَخُ الشَّارِحِ فِيهَا مُخْتَلِفَةٌ فَلْيُحَرَّرْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute