فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْمَنْعِ كَمَا أَنَّ التَّصَرُّفَ يَنْفُذُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ بِالتَّعْلِيقِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَمَا أَطَالَ بِهِ جَمْعٌ فِي اسْتِشْكَالِهِ بِأَنَّهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ مَعَ مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ.
أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَلَا رَفْعُ الْوَكَالَةِ بَلْ قَدْ يَبْقَى وَلَا يَنْفُذُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهَا، وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ حَيْثُ جَزَمَ بِعَدَمِ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِمَنْعِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ الصِّيغَةُ مُخْتَلَّةً مِنْ أَصْلِهَا فَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَا شَيْئًا، وَهَذَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) أَيْ وَمَعَ عَدَمِ الْعَزْلِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ) هَذَا عَيْنُ الْأَصَحِّ السَّابِقِ فَكَانَ الْأَظْهَرَ، وَقِيلَ يَنْعَزِلُ، وَلَا يَتَأَتَّى حِينَئِذٍ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ إلَخْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَنْعَزِلُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ انْعِزَالِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا.
وَقَدْ يُقَالُ: الْمَقْصُودُ مِنْ حِكَايَةِ الْقِيلِ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ لِعَدَمِ الْعَزْلِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ لِوُجُودِ الْمَنْعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَسَادِ الْوَكَالَةِ فَسَادُ التَّصَرُّفِ، وَقِيلَ حَيْثُ قُلْنَا: لَا يَنْعَزِلُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ، فَيَصِيرُ حَاصِلُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا لِفَسَادِ التَّعْلِيقِ، وَفِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَيُمْنَعُ إلَخْ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) الْمُنَاسِبُ لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّصَرُّفِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى عَدَمِ الْعَزْلِ وَإِنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُقَابِلًا لِمَا اخْتَارَهُ إذْ هُوَ عَيْنُهُ، وَإِنَّمَا مَحَطُّ الْمُخَالَفَةِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَعَدَمُهُ، فَالشَّارِحُ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْقِيلِ فِي عَدَمِ نُفُوذِ الْعَزْلِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ خِلَافَ هَذَا السِّيَاقِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا تَبِعَ الْعَلَّامَةَ حَجّ فِي هَذَا الْقِيلِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ سَطَّرَ الْعِبَارَةَ فَزَادَ قَوْلَهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ إلَخْ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَا كَانَ سَطَّرَهُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ فَحَصَلَ مَا تَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَمَا أَطَالَ بِهِ جَمْعٌ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَا شَيْئًا) مِنْ كَلَامِ الْقِيلِ وَقَائِلُهُ الشِّهَابُ حَجّ لَكِنْ لَا بِهَذَا اللَّفْظِ وَعِبَارَتِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، لَكِنْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي اسْتِشْكَالِهِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَنْفُذُ مَعَ مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ وَتَخَلَّصَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَلَا رَفْعُ الْوَكَالَةِ بَلْ قَدْ تَبْقَى وَلَا يَنْفُذُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ فَجَزَمَ بِعَدَمِ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَنْعَ مُفِيدٌ إلَّا لَوْ صَحَّتْ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ قَدْ قَرَّرْنَا بُطْلَانَ هَذِهِ الْمُعَلَّقَةِ فَعَمِلْنَا بِأَصْلِ بَقَاءِ الْوَكَالَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ رَافِعٌ صَحِيحٌ، وَحِينَئِذٍ اتَّضَحَ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَتْ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute