لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَيَنْفُذُ أَيْضًا تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْإِذْنَ حَيْثُ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ مَا لَمْ يَكُنْ الْإِذْنُ فَاسِدًا كَمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْإِقْدَامُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ جَائِزٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، إذْ لَيْسَ مِنْ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُدِّمَ عَلَى عَقْدٍ صَحِيحٍ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (فَإِنْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا جَازَ) اتِّفَاقًا كَوَكَّلْتُك الْآنَ بِبَيْعِ هَذَا وَلَكِنْ لَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ، وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِآخَرَ قَبْلَ رَمَضَانَ: وَكَّلْتُك فِي إخْرَاجِ فِطْرَتِي وَأَخْرَجَهَا فِي رَمَضَانَ صَحَّ لِتَنْجِيزِهِ الْوَكَالَةَ، وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِمَا قَيَّدَهَا بِهِ الشَّارِعُ، بِخِلَافِ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَخْرِجْ فِطْرَتِي لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ الْجَوَازَ وَمَنْ أَطْلَقَ الْمَنْعَ اهـ.
وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ، إذْ كُلٌّ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ حَالَ التَّوْكِيلِ، وَظَاهِرُ صِحَّةِ إخْرَاجِهَا عَنْهُ فِيهِ حَتَّى عَلَى الثَّانِي لِعُمُومِ الْإِذْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ الْوَكَالَةِ كَوَكَّلْتُك شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ امْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفُ (وَلَوْ) (قَالَ وَكَّلْتُك) فِي كَذَا (وَمَتَى) أَوْ مَهْمَا أَوْ إذَا (عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي) (صَحَّتْ) الْوَكَالَةُ (فِي الْحَالِّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ نَجَّزَهَا.
وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى شَرْطِ التَّأْبِيدِ وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ الْجَائِزِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ التَّأْبِيدِ بِمَا ذُكِرَ لِمَا يَأْتِي. وَلِلْخِلَافِ شُرُوطٌ هُنَا لَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهَا، فَمَتَى انْتَفَى وَاحِدٌ مِنْهَا صَحَّتْ قَطْعًا (وَفِي عَوْدِهِ وَكِيلًا بَعْدَ الْعَزْلِ الْوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِهَا) لِأَنَّهُ عَلَّقَهَا ثَانِيًا بِالْعَزْلِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْعَوْدِ لِفَسَادِ التَّعْلِيقِ، وَالثَّانِي تَعُودُ مَرَّةً وَاحِدَةً، نَعَمْ يَعُودُ الْإِذْنُ الْعَامُّ عَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحِ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: عَزَلْتُك وَمَتَى أَوْ مَهْمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتَى بِكُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي عَادَ مُطْلَقًا لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْزِلُهُ، أَوْ يَقُولَ: وَكُلَّمَا وَكَّلْتُك فَأَنْتَ مَعْزُولٌ، فَإِنْ قَالَ: وَكُلَّمَا انْعَزَلْت فَطَرِيقُهُ وَكُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي لِتَقَاوُمِ التَّوْكِيلَ وَالْعَزْلَ وَاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْحَجْرُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَقُدِّمَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ قَبْلَ الْمِلْكِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ التَّعْلِيقَيْنِ (وَيَجْرِيَانِ فِي تَعْلِيقِ الْعَزْلِ) بِنَحْوِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ كَالْإِمَارَةِ وَالْإِيصَاءِ اهـ. وَمِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ مَا يَحْصُلُ فِي مَوَاضِعِ الْإِحْبَاسِ مِنْ جَعْلِ النَّظَرِ لَهُ وَلِأَوْلَادِهِ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ بِرٌّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَالْإِقْدَامُ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ وَكَّلْتُك وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَكَّلْتُك وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآنَ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ جَزَمَ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الصِّحَّةِ) أَيْ لِلْوَكَالَةِ فِي الشِّقَّيْنِ وَهُمَا مَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي إخْرَاجِ فِطْرَتِي إلَخْ وَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَخْرِجْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إخْرَاجِهَا) أَيْ الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ: فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) أَيْ إذَا أَرَادَ مَنْعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْإِذْنِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ: عَزَلْتُك) عَزَلْتُك اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَكُلَّمَا عُدْت إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ التَّعْلِيقَيْنِ) أَيْ تَعْلِيقِ الْعَزْلِ وَتَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ) أَيْ فَلَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ عَنْ أَصْلِ التَّوْكِيلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ ذِكْرَ الْآنَ غَيْرُ قَيْدٍ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَقَصُرَتْ عَنْهُ عِبَارَةُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ فَإِنَّ الشِّهَابَ حَجّ رَتَّبَهُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute