للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهَا كَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشَّفَقَةِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّيِّدَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ وَالْمُتَّجَهُ مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ الْأَوَّلُ (وَلَوْ) (اجْتَمَعَا) أَيْ وَلِيَّانِ (فِي دَرَجَةٍ) كَابْنَيْنِ وَأَخَوَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ (فَالْأَسَنُّ) فِي الْإِسْلَامِ (الْعَدْلُ أَوْلَى) مِنْ الْأَفْقَهِ وَنَحْوِهِ (عَلَى النَّصِّ) عَكْسُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا الدُّعَاءُ وَدُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَرُدَّ دَعْوَةَ ذِي الشَّيْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ» وَأَمَّا سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فَحَاجَتُهَا إلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ لِوُقُوعِ الْحَوَادِثِ فِيهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْعِلَّةُ السَّابِقَةُ لَا تُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي مُتَشَارِكَيْنِ فِي الْفِقْهِ فَكَانَ دُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبَ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْأَسَنَّ لَيْسَ دُعَاؤُهُ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ الْفَقِيهَ فِي شَيْءٍ.

وَأَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْإِمَامَةِ، وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي السِّنِّ الْمُعْتَبَرِ قُدِّمَ أَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُسْتَوِيَيْنِ دَرَجَةً زَوْجًا قُدِّمَ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَسَنَّ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ، فَقَوْلُهُمْ لَا مَدْخَلَ لِلزَّوْجِ مَعَ الْأَقَارِبِ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ مُشَارَكَتِهِ لَهُمْ فِي الْقَرَابَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا وَتَنَازَعَا أَقْرَعَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ صَلَّى غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ صَحَّ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَفْضُولِ الدَّرَجَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُصَنِّفِ أَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: اُنْظُرْ هَلْ الْأَوْلَى بِالْمَيِّتِ الرَّقِيقِ قَرِيبُهُ أَوْ سَيِّدُهُ اهـ الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعُلْقَةُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الصَّلَاةِ وَثَمَّ فِي الْغُسْلِ، وَالْمَلْحَظُ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الشَّفَقَةِ وَالْأَقَارِبُ أَشْفَقُ مِنْ السَّيِّدِ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ فَإِنَّ الْغُسْلَ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَهِيَ عَلَى السَّيِّدِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَنَّ الْأَوْجَهَ إجَابَةُ السَّيِّدِ فِي مَحَلِّ الدَّفْنِ دُونَ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُفَادَ هَذَا التَّرَدُّدِ مُجَرَّدُ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَعَدَمِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ تَقَدُّمُهُ عَلَى أَقَارِبِهَا الْأَحْرَارِ لِجَوَازِ أَنَّهُ إذَا فَقَدَتْ أَقَارِبَهَا الْأَحْرَارَ هَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَجَانِبِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَمَةِ أَقَارِبُ أَحْرَارٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ) أَيْ مَعَ وُجُودِ عَدْلٍ، أَمَّا لَوْ عَمَّ الْفِسْقُ الْجَمِيعَ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ فِي الْمُبْتَدِعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَفْسُقَ بِبِدْعَتِهِ أَمْ لَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْمُبْتَدِعِ الَّذِي يُفَسِّقُهُ بِبِدْعَتِهِ أَوْ جَهِلَ أَوْ قَوِيَتْ الشُّبْهَةُ الْحَامِلَةُ لَهُ عَلَى الْبِدْعَةِ، وَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَاسِقِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ لِانْفِرَادِ الْمُبْتَدِعِ عَنْ الْفَاسِقِ فِي الْمَجْهُولِ حَالُهُ وَانْفِرَادِ الْفَاسِقِ فِيمَنْ فَسَقَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ مَثَلًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مُرْتَكِبَ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ حَيْثُ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ وَلَوْ قِيلَ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا وَتَنَازَعَا أُقْرِعَ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَيْ وُجُوبًا إذَا كَانَ غَيْرَ الْحَاكِمِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَنَدْبًا فِيمَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِلْوُجُوبِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ التَّصْرِيحَ بِالْوُجُوبِ وَأَطْلَقَ اهـ.

وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الزِّيَادَةِ وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ أَوْ زَوْجَتَانِ أُقْرِعَ مَا نَصُّهُ: أَيْ حَتْمًا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ غَسَّلَهُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ اهـ م ر وَقَالَ حَجّ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الْإِقْرَاعِ: أَيْ عَلَى نَحْوٍ قَاضٍ رَفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ صَحَّ) أَيْ وَلَا إثْمَ كَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا) أَيْ السَّيِّدَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِي إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>