وَالثَّانِي لَا تُزَالُ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ الشَّهِيدِ فَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِهَا نَجَاسَةٌ غَيْرُ الدَّمِ فَهَلْ لَهَا حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَثَرِ الشَّهَادَةِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ بِالْفَضْلِ الدَّمُ فَقَطْ؛ وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُ أَخَفُّ؟ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُشْبِهُ التَّنَافِي وَالثَّانِي أَقْرَبُ.
(وَيُكَفَّنُ) الشَّهِيدُ اسْتِحْبَابًا (فِي ثِيَابِهِ الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ) لِخَبَرِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ «رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ أَوْ حَلْقِهِ فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَالْمُرَادُ ثِيَابُهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَاعْتِيدَ لُبْسُهَا غَالِبًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُلَطَّخَةً بِالدَّمِ لَكِنَّ الْمُلَطَّخَةَ بِهِ أَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّقْيِيدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِالْمُلَطَّخَةِ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ وُجُوبِ تَكْفِينِهِ فِيهَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى، وَفَارَقَ الْغُسْلَ بِإِبْقَاءِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَدَنِ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِشْعَارِ بِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الدُّعَاءِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبُهُ سَابِغًا) أَيْ سَاتِرًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ (تُمِّمَ) وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ، وَلَوْ أَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ نَزْعَهَا وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ أُجِيبَ الْمُمْتَنِعُونَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ كَمَا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ نُكَفِّنُهُ فِي ثَوْبٍ وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ، وَيُسَنُّ نَزْعُ آلَةِ الْحَرْبِ عَنْهُ كَدِرْعٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ لِلْمَيِّتِ غَالِبًا كَخُفٍّ وَفَرْوَةٍ وَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ كَسَائِرِ الْمَوْتَى، نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْوَارِثُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: وَاعْتِيدَ لُبْسُهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيضًا إبْقَاءً لِأَثَرِ الشَّهَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ سَنِّ التَّكْفِينِ فِي الْأَبْيَضِ حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ نَزْعُ آلَةِ الْحَرْبِ) أَيْ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ يُعَدُّ إزْرَاءً لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ لِلْمَيِّتِ) الْمُرَادُ مَا لَا يُعْتَادُ التَّكْفِينُ فِيهِ.
[حاشية الرشيدي]
حَيَاتُهُ فَغَيْرُ شَهِيدٍ جَزْمًا
(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِهَا نَجَاسَةُ غَيْرِ الدَّمِ إلَخْ) تَقَدَّمَ حُكْمُ هَذَا فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute