للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا لِضَرُورَةٍ مُتَأَكِّدَةٍ اهـ.

وَدَلِيلُهُ ظَاهِرٌ كَمَا فِي الْحَيَاةِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَعُسْرِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الضَّرُورَةِ، وَكَذَا فِي ثَوْبٍ لِلِاتِّبَاعِ فِي قَتْلَى أُحُدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (فَيُقَدَّمُ) حِينَئِذٍ (أَفْضَلُهُمَا) وَهُوَ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْأَلُ فِي قَتْلَى أُحُدٍ عَنْ أَكْثَرِهِمْ قُرْآنًا فَيُقَدِّمُهُ إلَى اللَّحْدِ» لَكِنْ لَا يُقَدَّمُ فَرْعٌ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ عَلَا حَتَّى يُقَدَّمَ الْجَدُّ وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَكَذَا الْجَدَّةُ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَيُقَدَّمُ أَبٌ عَلَى ابْنِهِ وَإِنْ سَفُلَ، وَكَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَأُمٌّ عَلَى بِنْتٍ كَذَلِكَ، أَمَّا الِابْنُ فَيُقَدَّمُ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ، وَيُقَدَّمُ الْبَالِغُ عَلَى الصَّبِيِّ وَهُوَ عَلَى الْخُنْثَى وَهُوَ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَ الْمَيِّتَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ نَدْبًا حَيْثُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا، أَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَاحِدٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مَعَ كَوْنِ الثَّلَاثَةِ وَاجِبَةً؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا حَقٌّ لَهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرِنَا مِنْ الِاحْتِيَاجِ لِدَرَاهِمَ تُصْرَفُ لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَى التُّرْبَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِالدَّفْنِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: وَعُسْرِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ) أَيْ فَمَتَى سَهُلَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحَكَمُ بِمَا اُعْتِيدَ الدَّفْنُ فِيهِ بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَجَبَ حَيْثُ كَانَ يُعِدُّ مَقْبَرَةً لِلْبَلَدِ، وَتَسْهُلُ زِيَارَتُهُ وَغَايَتُهُ تَتَعَدَّدُ لِلتُّرَابِ وَأَيِّ مَانِعٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي ثَوْبٍ) أَيْ وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ نَدْبًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَسَاوَوْا فِي الْفَضِيلَةِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَرَتَّبُوا لَا يُنَحَّى الْأَسْبَقُ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا إلَّا مَا اسْتَثْنَى مَا يَأْتِي هُنَا، وَأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ وَالْأُمِّ يَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُدَّةَ هُنَا مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِهَا ثَمَّةَ، وَبِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَالْأَفْضَلُ أَوْلَى بِهِ وَفِيهِمَا نَظَرٌ اهـ.

وَقَدْ سُئِلَ م ر عَنْ هَذَا الْكَلَامِ وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا سَبَقَ وَضْعُ أَحَدِهِمَا فِي اللَّحْدِ لَا يُنَحَّى إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى فَيُنَحَّى وَيُؤَخَّرُ فَأَبَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ مَنْ وُضِعَ أَوَّلًا فِي اللَّحْدِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى وَذَلِكَ الْغَيْرُ ذَكَرًا، أَوْ كَانَ وَلَدًا وَذَلِكَ الْغَيْرُ أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ بِسَبْقِهِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَلَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ السَّبْقُ بِالْوَضْعِ عِنْدَ الْقَبْرِ فَلَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ السَّابِقُ، وَيُقَدَّمُ غَيْرُهُ بِالْوَضْعِ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ ثُمَّ أَخْذِهِ وَوَضْعِهِ فِي اللَّحْدِ أَوَّلًا إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ، وَانْظُرْ لَوْ دُفِنَ ذِمِّيَّانِ فِي لَحْدٍ هَلْ يُقَدَّمُ إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ أَخَفُّهُمَا كُفْرًا وَعِصْيَانًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: الْقِيَاسُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: وَأُمٌّ عَلَى بِنْتٍ) بَقِيَ الْخُنْثَى هَلْ يُقَدَّمُ عَلَى أُمِّهِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ أَوْ تُقَدَّمُ الْأُمُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الذُّكُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم بِالْمَعْنَى

وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصَالَةَ مُحَقَّقَةٌ وَاحْتِمَالُ الذُّكُورَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ مُحَرَّمًا بِأَنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَكَمَا يَحْرُمُ نَبْشُ الْقَبْرِ لِلدَّفْنِ يَحْرُمُ فَتْحُ الْفَسْقِيَّةِ لِلدَّفْنِ فِيهَا إنْ كَانَ هُنَاكَ هَتْكٌ لِحُرْمَةِ مَنْ بِهَا كَأَنْ تَظْهَرَ رَائِحَتُهُ كَأَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالدَّفْنِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَا هَتْكٌ إلَّا لِحَاجَةٍ كَأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ مَكَانٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ هَتْكٌ بِنَحْوِ ظُهُورِ رَائِحَةٍ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ اهـ مَا قَرَّرَهُ م ر

وَانْظُرْ هَلْ حُرْمَةُ الدَّفْنِ لِاثْنَيْنِ بِلَا ضَرُورَةٍ عَلَى مَا مَرَّ حَتَّى فِي حَقِّ الْكُفَّارِ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْنَا دَفْنُ ذِمِّيِّينَ فِي لَحْدٍ بِلَا ضَرُورَةٍ فَلْيُرَاجَعْ.

لَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ فِي حُرْمَةِ الْجَمْعِ أَنَّهُ قَدْ يَتَأَذَّى أَحَدُهُمَا بِعَذَابِ الْآخَرِ، وَالْكُفَّارُ كُلُّهُمْ مُعَذَّبُونَ: لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعِلَّةَ ذَلِكَ فَعَذَابُ الْكُفَّارِ يَتَفَاوَتُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَقُوَّةُ كَلَامِهِ تُعْطِي أَنَّ الْأَقْرَبَ عِنْدَهُ الْحُرْمَةُ وَقَوْلُهُ كَأَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ ابْتِدَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>