للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُلْقِيه إلَى أَسْفَلَ وَمِنْ تَحْتِهَا لَا ضَرُورَةَ إلَى مَخْرَجِهِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ، وَالثَّانِي يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّ الْخُرُوجِ تَحَوَّلَ مَخْرَجُهُ إلَى مَا ذُكِرَ، وَعَلَى هَذَا يَنْقُضُ النَّادِرُ فِي الْأَظْهَرِ. وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِهِ زِيَادَةٌ لَا قُبُلَ يَنْقُضُ وَصَوَابُهُ حَذْفُهَا كَمَا حَكَيْنَاهُ، وَلَوْ انْفَتَحَ فَوْقَهَا وَالْأَصْلُ مُنْفَتِحٌ فَلَا نَقْضَ كَالْقَيْءِ. وَقَوْلُهُ أَوْ فَوْقَهَا هُوَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَحُكِيَ عَنْ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ فَوْقَهُ: أَيْ فَوْقَ تَحْتِ الْمَعِدَةِ، وَهِيَ تَشْمَلُ الِانْفِتَاحَ فِي نَفْسِ الْمَعِدَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ حُكْمُهُ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالنَّقْضِ فِي الْمُنْفَتِحِ فَالْحُكْمُ مُخْتَصٌّ بِهِ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ إجْزَاءِ الْحَجَرِ وَإِيجَابِ وُضُوءٍ بِمَسِّهِ وَغُسْلٍ بِإِيلَاجٍ فِيهِ، وَهَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ.

أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَمُنْفَتِحُهُ كَالْأَصْلِيِّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ وَلَا بِإِيلَاجٍ فِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِانْفِتَاحِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْ نَحْوِ فَمِهِ لَا يُنْقَضُ لِانْفِتَاحِهِ أَصَالَةً

(الثَّانِي زَوَالُ الْعَقْلِ) أَيْ التَّمْيِيزُ بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالسَّهُ الدُّبُرُ، وَوِكَاؤُهُ حِفَاظُهُ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ، وَالْعَيْنَانِ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقِظَةِ. وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ الْيَقِظَةَ هِيَ الْحَافِظَةُ لِمَا يَخْرُجُ، وَالنَّائِمُ قَدْ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ وَإِذَا ثَبَتَ النَّقْضُ بِالنَّوْمِ أَلْحَقَ بِهِ الْبَوَاقِي؛ لِأَنَّ الذُّهُولَ مَعَهَا أَبْلَغُ مِنْ النَّوْمِ وَقَدْ جُعِلَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

السُّرَّةُ وَمُحَاذِيهَا وَمَا فَوْقَهَا، وَعَلَيْهِ فَالتَّعْبِيرُ بِفَوْقَ إمَّا مَجَازٌ فِي السُّرَّةِ وَمَا فَوْقَهَا، أَوْ هُوَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ كَأَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ فَوْقَ تَحْتَهَا (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَمَا حَكَيْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالثَّانِي يَنْقُضُ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ مُخْتَصٌّ بِهِ) أَيْ النَّقْضُ، وَأَمَّا الْأَصْلِيُّ فَأَحْكَامُهُ بَاقِيَةٌ (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ) اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمَ النَّقْضِ بِالنَّوْمِ بِهِ مُمْكِنًا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِلْأَمْنِ حِينَئِذٍ مِنْ خُرُوجِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ سم. وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَامَ مُتَمَكِّنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَمُنْفَتِحُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْأَصْلِيِّ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَالْأَصْلِيِّ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَدَبَهُ فِي غَيْرِهَا اهـ سم، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَنَدَبَهُ: أَيْ نَدَبَ تَرْكَ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا أَدَبًا فِي الْبُنْيَانِ.

وَقَوْلُ سم: هَلْ مِنْ ذَلِكَ الظَّاهِرِ؟ نَعَمْ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيِّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَانَ فِي الِاسْتِقْبَالِ بِهِ مَعَ عَيْنِ الْخَارِجِ انْتِهَاكٌ لِحُرْمَةِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ وَلَا بِالْإِيلَاجِ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: لِانْفِتَاحِهِ أَصَالَةً) اعْتَمَدَ حَجّ أَنَّ الْفَمَ يَنْقُضُ مَا خَرَجَ مِنْهُ حِينَئِذٍ اهـ. قَالَ سم عَلَيْهِ: هَلْ يَنْقُضُ حِينَئِذٍ خُرُوجُ رِيقِهِ وَنَفَسِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الرِّيحِ نَاقِضٌ، وَالنَّقْضُ بِذَلِكَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ خِلَافَ ذَلِكَ، وَاخْتِصَاصُ هَذَا بِمَا يَطْرَأُ انْفِتَاحُهُ دُونَ الْمُنْفَتِحِ أَصَالَةً.

(مَسْأَلَةٌ) لَوْ خُلِقَ إنْسَانٌ بِلَا دُبُرٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَنْفَتِحْ لَهُ مَخْرَجٌ وَقُلْنَا بِمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُنْفَتِحَ أَصَالَةً كَالْفَمِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِيِّ فَهَلْ يَنْتَقِضُ وُضُوءُ هَذَا بِالنَّوْمِ الْغَيْرِ الْمُمَكَّنِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ النَّوْمَ الْغَيْرَ الْمُمَكَّنِ نَاقِضٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ النَّقْضِ؛ لِأَنَّ عِلَّتَهُ أَنَّ النَّوْمَ الْغَيْرَ الْمُمَكَّنِ مَظِنَّةُ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ إذْ لَا دُبُرَ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ النَّقْضَ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ وَاكْتِفَاءً بِأَنَّ النَّوْمَ مَظِنَّةُ الْخُرُوجِ فِي الْجُمْلَةِ: أَيْ بِالنَّظَرِ لِغَيْرِ مِثْلِ هَذَا الشَّخْصِ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلَ. لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْخُرُوجَ مِنْ الْقُبُلِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ الْخُرُوجِ مِنْهُ لِنُدْرَتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُسْتَثْنَى هَذِهِ الْحَالَةُ فَيُقَامُ فِيهَا الْقُبُلُ مَقَامَ الدُّبُرِ حَتَّى فِي خُرُوجِ الرِّيحِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَأَنْ زَالَ التَّمْيِيزُ بِمَرَضٍ قَامَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ مُخْتَصٌّ بِهِ) أَيْ بِالنَّقْضِ، وَمُرَادُهُ اخْتِصَاصُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّقْضِ لِيَشْمَلَ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ نَامَ مُتَمَكِّنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>