للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْرِيكُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ أُنْمُلَةٍ سُفْلَى كَالْأُصْبُعِ لِمَا ذُكِرَ، وَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ الْيَدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا تَحْتَ الْأُنْمُلَةِ لَوْ كَانَ أَشَلَّ امْتَنَعَتْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزَّائِدَةَ إنْ عُمِلَتْ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا (وَيُحَرَّمُ) (سِنُّ الْخَاتَمِ) عَلَى الرَّجُلِ مِنْ ذَهَبٍ اسْتِعْمَالًا وَاِتِّخَاذًا، وَالْمُرَادُ بِهِ الشُّعْبَةُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ الْفَصُّ بِهَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ لَهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَيُفَارِقُ ضَبَّةُ الْإِنَاءِ الصَّغِيرَةُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَدْوَمُ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْإِنَاءِ وَمُقَابِلُهُ يُلْحِقُهُ بِالضَّبَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَيَحِلُّ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى بَلْ أَوْلَى (مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) أَيْ لُبْسُهُ فِي خِنْصَرِ يَمِينِهِ وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ لِلِاتِّبَاعِ، لَكِنَّ لُبْسَهُ فِي الْيَمِينِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ، وَيَجُوزُ لُبْسُهُ فِيهِمَا مَعًا بِفَصٍّ وَبِدُونِهِ، وَجَعْلُ الْفَصِّ فِي بَاطِنِ الْكَفِّ أَفْضَلُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ، وَيَجُوزُ نَقْشُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ الْخَاتَمُ مِنْ مِثْقَالٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَهُ لَابِسَ خَاتَمٍ حَدِيدٍ: مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ، فَطَرَحَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ: مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُبْلِغُهُ مِثْقَالًا» اهـ. وَالْخَبَرُ ضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، وَقَالَ النَّيْسَابُورِيُّ: إنَّهُ مُنْكَرٌ، وَاسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ وَإِنْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ

فَالْمُعْتَمَدُ ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ فَيُرْجَعُ فِي زِنَتِهِ لَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ، فَمَا خَرَجَ عَنْهُ كَانَ إسْرَافًا كَمَا قَالُوهُ فِي الْخَلْخَالِ لِلْمَرْأَةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الِاحْتِجَاجِ بِالْخَبَرِ الْمَارِّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ، وَعَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِهِ لِإِزَالَةِ التَّشْوِيهِ عَنْ يَدِهَا بِفَقْدِ الْأُصْبُعِ وَحُصُولِ الزِّينَةِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ أُنْمُلَةٍ سُفْلَى) أَيْ بِأَنْ فُقِدَتْ أُصْبُعُهُ فَأَرَادَ اتِّخَاذَ أُنْمُلَةٍ بَدَلَ السُّفْلَى مِنْ أَنَامِلِ الْأُصْبُعِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَرَّكُ كَمَا لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْأُصْبُعِ لِذَلِكَ، وَمِثْلُ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى الْأُنْمُلَةُ الْوُسْطَى لِوُجُودِ عِلَّةِ مَنْعِ الْأُنْمُلَتَيْنِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَيُحَرَّمُ سِنُّ الْخَاتَمِ عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَيْضًا لُبْسُ الدُّمْلُجِ وَالسِّوَارِ وَالطَّوْقِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ اهـ دُمَيْرِيٌّ.

وَالدُّمْلُجُ بِضَمِّ الدَّالِ وَاللَّامِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) أَيْ وَيَحِلُّ لَهُ الْخَتْمُ بِهِ أَيْضًا، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا يُوَافِقُهُ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ أَوَّلًا الْحُرْمَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَمَدَ الْجَوَازَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْخِنْصَرِ لَا يَحِلُّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَحُكِيَ وَجْهَانِ فِي جَوَازِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الْجَوَازُ.

ثُمَّ رَأَيْت الْقَمُولِيَّ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ وَسَبَقَهُ إلَيْهَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْأَذْرَعِيُّ صَوَّبَ التَّحْرِيمَ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ: وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي قِطْعَةِ فِضَّةٍ يُنْقَشُ عَلَيْهَا، ثُمَّ تُتَّخَذُ لِيَخْتِمَ بِهَا هَلْ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى إنَاءً فَلَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ أَوْ تَحْرُمُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى إنَاءً لِحِبْرِ الْخَتْمِ؟ وَمَرَّ آخِرُ الْأَوَانِي أَنَّ مَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ حَرُمَ سَوَاءٌ أَكَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَدَنِ أَمْ لَا؟ وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الِاسْتِعْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِالْبَدَنِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ الْحِلُّ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَخَرَجَ بِالْخَاتَمِ الْخَتْمُ وَهُوَ قِطْعَةُ فِضَّةٍ يُنْقَشُ عَلَيْهَا اسْمُ صَاحِبِهَا، وَيُخْتَمُ بِهَا فَلَا تَجُوزُ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ (قَوْلُهُ: وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ فِي النَّقْشِ لَكِنْ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى مُلَاقَاةِ النَّجَسِ كَأَنْ لَبِسَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَنْقُولُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَبِسَهُ فِي خِنْصَرِ يَمِينِهِ وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ لِلِاتِّبَاعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاتِّبَاعَ دَلِيلُ النَّدْبِ لَا دَلِيلُ الْحِلِّ فَقَطْ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَحِلُّ بَلْ يُسَنُّ ثُمَّ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِالِاتِّبَاعِ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ نَقْشُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ حَزَازَةٌ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>