للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ إذْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُجَاهِدَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تُسَمَّى آلَةَ حَرْبٍ وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ مَنْ لَا يُحَارِبُ، وَلِأَنَّ إغَاظَةَ الْكُفَّارِ وَلَوْ مَنْ بِدَارِنَا حَاصِلَةٌ مُطْلَقًا (وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا (حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، وَهُوَ حَرَامٌ كَعَكْسِهِ لِمَا وَرَدَ مِنْ اللَّعْنِ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ لَا يَكُونُ عَلَى مَكْرُوهٍ.

لَا يُقَالُ: إذَا جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا غَيْرَ مُحَلَّاةٍ فَمَعَ التَّحْلِيَةِ أَجْوَزُ إذْ التَّحَلِّي لَهُنَّ أَوْسَعُ مِنْ الرِّجَالِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا جَازَ لَهُنَّ لُبْسُ آلَةِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْحِلْيَةِ (وَلَهَا) وَلِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ (لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) إجْمَاعًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ كَسِوَارٍ وَخَاتَمٍ وَطَوْقٍ وَحَلَقٍ فِي آذَانٍ وَأَصَابِعَ وَمِنْهُ التَّاجُ فَيَحِلُّ لَهَا لُبْسُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ اعْتَادَهُ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ فِي بَابِ اللِّبَاسِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ، وَيَحِلُّ لَهَا النَّعْلُ مِنْهُمَا، وَلَوْ تَقَلَّدَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مَثْقُوبَةً بِأَنْ جَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا زَكَّتْهَا بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ مِنْ حِلِّهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعَرَّاةِ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَ لَهَا عُرًى وَجَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا، فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صُرِفَتْ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ النَّقْدِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَكَذَا) لَهَا لُبْسُ (مَا نُسِجَ بِهِمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الثِّيَابِ كَالْحُلِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ.

وَالثَّانِي لَا، لِزِيَادَةِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ) فِي كُلِّ مَا أَبَحْنَاهُ (كَخَلْخَالٍ) أَيْ مَجْمُوعِ فَرْدَتَيْهِ لَا إحْدَاهُمَا لِلْمَرْأَةِ (وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالٍ، إذْ الْمُقْتَضِي لِإِبَاحَةِ الْحُلِيِّ لَهَا التَّزَيُّنُ لِلرِّجَالِ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ الدَّاعِي لِكَثْرَةِ النَّسْلِ، وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِذَلِكَ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: آلَاتُ الْحَرْبِ لِلْمُجَاهِدِ كَالْمُرْتَزِقِ اهـ.

وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ الْمُعَدِّينَ لِلْجِهَادِ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْمُنَافَاةِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْمُقَاتِلِ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَبِمَا يَأْتِي مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَحَلَّ الْخِلَافِ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَنَحْوِهِ دُونَ آلَةِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِي آلَةِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ) أَيْ لِلنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى (قَوْلُهُ: فِي أَذَانٍ وَأَصَابِعَ) أَيْ سَوَاءٌ أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا أُصْبُعُ التَّقْيِيدِ بِهِمَا كَالصَّرِيحِ فِي حِلِّ الْأُصْبُعِ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِحِلِّ الذَّهَبِ لَهَا وَلِأَنَّ فِيهِ زِينَةً، لَكِنْ مَنَعَهُ مَرَّ فَقَالَ بِالْحُرْمَةِ فِيهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهَا) وَمِثْلُهَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَذَكَرَ الْمَرْأَةَ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعَرَّاةِ) وَهِيَ الَّتِي تُجْعَلُ لَهَا عُرْوَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَتُعَلَّقُ بِهَا فِي خَيْطٍ كَالسُّبْحَةِ وَإِطْلَاقُ الْعُرْوَةِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَهَا) فِي نُسْخَةٍ وَلِمَنْ ذُكِرَ مِمَّنْ مَرَّ (قَوْلُهُ: مَا نُسِجَ بِهِمَا) أَفْهَمَ أَنَّ غَيْرَ اللُّبْسِ مِنْ الِافْتِرَاشِ وَالتَّدَثُّرِ بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ حِلُّهُ لَهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهَا لُبْسُ مَا نُسِجَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِحُصُولِ الزِّينَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمَا تَحْصِيلُهَا لِلزَّوْجِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْفُرُشِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهَا افْتِرَاشُ الْحَرِيرِ لِأَنَّ بَابَهُ أَوْسَعُ.

وَفِي الرَّوْضَةِ: وَلُبْسُ الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ انْتَهَى.

قَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَتِهَا: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِافْتِرَاشِ الْمَنْسُوجِ بِهِمَا كَالْمَقَاعِدِ الْمُطَرَّزَةِ بِذَلِكَ.

قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ، وَوَجْهُ الْبِنَاءِ أَنَّ الْحَرِيرَ لَهُنَّ لُبْسُهُ وَفِي افْتِرَاشِهِ قَوْلَانِ، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ يَحِلُّ لَهُنَّ لُبْسُهُمَا فَبَقِيَ مَجِيءُ الْقَوْلَيْنِ فِي الِافْتِرَاشِ.

قُلْت: وَقَدْ يُلْحَظُ مَزِيدُ السَّرَفِ فِي الِافْتِرَاشِ هُنَا كَمَا سَبَقَ فِي لُبْسِ النَّعْلِ بِخِلَافِ الْحَرِيرِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.

وَقَوْلُهُ فِي لُبْسِ النَّعْلِ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ الْجَوَازُ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْفُرُشِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>