تَفَقُّهًا وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَكَذَا الْمَهْرُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ) فَيَصِيرَانِ مَالَ تِجَارَةٍ إذَا اقْتَرَنَا بِنِيَّتِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِكَوْنِهِمَا مُلِكَا بِمُعَاوَضَةٍ، وَلِهَذَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيمَا مُلِكَ بِهِمَا.
وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ (لَا بِالْهِبَةِ) غَيْرِ ذَاتِ الثَّوَابِ (وَالِاحْتِطَابِ) وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْإِرْثِ (وَالِاسْتِرْدَادِ بِعَيْبٍ) أَوْ إقَالَةٍ أَوْ فَلَسٍ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ بَلْ الِاسْتِرْدَادُ الْمَذْكُورُ فَسْخٌ لَهَا، وَلِأَنَّ التَّمَلُّكَ مَجَّانًا لَا يُعَدُّ تِجَارَةً، فَمَنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلْقِنْيَةِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ أَوْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَصِرْ مَالَ تِجَارَةٍ وَإِنْ نَوَاهَا، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضٍ لَهَا فَإِنَّهُ يَبْقَى حُكْمُهَا، وَلَوْ اشْتَرَى لَهَا صَبْغًا لِيَصْبُغَ بِهِ أَوْ دَبَّاغًا لِيَدْبُغَ بِهِ لِلنَّاسِ صَارَ مَالَ تِجَارَةٍ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَيْنُ نَحْوِ الصَّبْغِ عِنْدَهُ عَامًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ أَوْ صَابُونًا أَوْ مِلْحًا لِيَغْسِلَ بِهِ أَوْ يَعْجِنَ بِهِ لَهُمْ لَمْ يَصِرْ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْتَهْلَكُ فَلَا يَقَعُ مُسَلَّمًا لَهُمْ (وَإِذَا مَلَكَهُ) أَيْ عَرْضَ التِّجَارَةِ (بِنَقْدٍ) وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَضْرُوبَيْنِ (نِصَابٌ) أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَفِي مِلْكِهِ بَاقِيهِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا أَوْ بِعَيْنِ عَشَرَةٍ وَفِي مِلْكِهِ عَشَرَةٌ أُخْرَى (فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ) ذَلِكَ (النَّقْدَ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ وَفِي جِنْسِهِ، وَلِأَنَّ النَّقْدَيْنِ إنَّمَا خُصَّا بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ دُونَ بَاقِي الْجَوَاهِرِ لِإِرْصَادِهِمَا لِلنَّمَاءِ، وَالنَّمَاءُ يَحْصُلُ بِالتِّجَارَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي الْوُجُوبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
حَيَوَانًا ثُمَّ قَبَضَ مِثْلَهُ الصُّورِيَّ كَذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إذَا اقْتَرَنَا بِنِيَّتِهَا) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ مُجْبَرًا وَمِنْهَا مُقَارَنَةٌ لِعَقْدِ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ إقَالَةٍ أَوْ فَلَسٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِأَنَّهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ إلَخْ مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْ الْبَائِعِ: أَيْ بِأَنْ لَزِمَ الْعَقْدُ مِنْ جَانِبِهِ كَأَنْ بَاعَ بِلَا شَرْطِ خِيَارٍ أَوْ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: لِيَصْبُغَ بِهِ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَقَطَعَ وَمِثْلُهُ يَدْبُغُ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْحَاصِلُ فِي يَدِهِ مِنْ غَلَّةِ الصَّبْغِ، أَوْ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهَا مِنْ الصَّبْغِ، أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بَاقِيًا فِي يَدِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَيْنُ نَحْوِ الصَّبْغِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الصَّبْغِ بَيْنَ كَوْنِهِ تَمْوِيهًا وَغَيْرَهُ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي مِنْ التَّعْلِيلِ لِلصَّابُونِ اخْتِصَاصُهُ بِالثَّانِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّابُونِ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ الصَّبْغِ لَوْنٌ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الثَّوْبِ يَبْقَى بِبَقَائِهِ، فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ الصَّابُونِ فَإِنَّ الْمَقْصِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ إزَالَةِ وَسَخِ الثَّوْبِ وَالْأَثَرُ الْحَاصِلُ مِنْهُ كَأَنَّهُ الصِّفَةُ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْغَسْلِ فَلَمْ يَحْسُنْ إلْحَاقُهُ بِالْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا) سَوَاءٌ قَالَ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعَيْنِ هَذِهِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ مُعَيَّنٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِهِ وَبَيْنَ الشِّرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى فِيهَا لَمْ يَقَعْ عَنْ الْمُوَكِّلِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَرَّةٍ ثَانِيَةٍ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا أَشَارَ لِلدَّرَاهِمِ هُنَا، وَلَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْ إرَادَتِهَا تَعَيَّنَ كَوْنُهَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا فِي الْوَكِيلِ فَقَرِينَةُ الْحَالِ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ الْغَرَضَ تَحْصِيلُ مَا وُكِّلَ فِي شِرَائِهِ فَجُعِلَ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ التَّعْيِينِ سِيَّمَا وَقَدْ عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ التَّعْيِينِ إلَى مُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَتَخَيَّرَ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ النَّقْدَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْحُلِيَّ مِنْ عَرْضِ الْقِنْيَةِ (قَوْلُهُ: لِلنَّمَاءِ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَضْرُوبَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَتْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْحُلِيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِعَيْنٍ عِشْرِينَ مِثْقَالًا) أَيْ أَوْ بِعِشْرِينَ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا فِي الْمَجْلِسِ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ: أَيْ وَكَانَ مَا أَقْبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ جِنْسِ مَا اشْتَرَى بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقْبَضَهُ عَنْ الْفِضَّةِ ذَهَبًا أَوْ عَكْسَهُ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ الْبُرُلُّسِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute