للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَوَابُ عَمَّا عَلَّلُوا بِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مَا قَالُوهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ عَدَمُ الْإِذْنِ لِكَوْنِ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ قَدْ نَوَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ: لَا صَائِرَ إلَى أَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ يَنْوِي وَالْكَافِرُ لَا تَصِحُّ مِنْهُ النِّيَّةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْهُ نِيَّةُ الْعِبَادِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ يَكْفِي إخْرَاجُهُ وَنِيَّتُهُ لِأَنَّهُ الْمُكَلَّفُ بِالْإِخْرَاجِ اهـ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُهَا.

وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِسَبَبِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْفِطْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ إنَّمَا تَتْبَعُ النَّفَقَةَ بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ: أَيْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُسْلِمْنَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ، فَإِنْ أَسْلَمْنَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَلَا فِطْرَةَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وُجُوبُ فِطْرَةِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ.

وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَلَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَأَيْسَرَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ الِابْنُ الْفِطْرَةَ. لَمْ تَلْزَمْ الْأَبَ حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا عَلَى الِابْنِ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى الِابْنِ لِانْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ بِالْحَوَالَةِ.

(وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (رَقِيقٍ) لَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا غَيْرِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا كِتَابَةً صَحِيحَةً وَلَا تَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً حَيْثُ تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (وَفِي الْمُكَاتَبِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (وَجْهٌ) أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقُهُ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِمْ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ) مِنْ الْفِطْرَةِ (قِسْطُهُ) أَيْ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَبَاقِيهَا عَلَى مَالِكِ الْبَاقِي إذْ هِيَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ وَإِلَّا اخْتَصَّ الْوُجُوبُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِطَرِيقِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ وُجُوبِهَا) مُعْتَمَدٌ: أَيْ وُجُوبُ النِّيَّةِ عَلَى الْكَافِرِ وَهِيَ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلتَّقَرُّبِ.

(قَوْلُهُ وُجُوبُ فِطْرَةِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ) وَيَنْبَغِي أَنْ تُوقَفَ فِطْرَتُهُنَّ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ التَّعْجِيلِ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ إخْرَاجِ زَكَاةِ أَرْبَعٍ فَوْرًا لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهِنَّ مُبْهَمَةً ثُمَّ إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا تَعَيَّنَ لِمَنْ أَخْرَجَ عَنْهُنَّ الْفِطْرَةَ، وَهَذَا الثَّانِي أَقْرَبُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ وَنَوَى أَحَدَهُمَا صَحَّ وَيُعَيِّنُهُ بَعْدُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُكَاتَبِ وَجْهٌ) لَوْ فَسَخَ الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ بَعْدَ الْوُجُوبِ لَمْ تَجِبْ عَلَى سَيِّدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: لَوْ فَسَخَ الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ بَعْدَ إدْرَاكِ سَبَبِ الْوُجُوبِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُهَا عَلَى السَّيِّدِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يُرْفَعُ مِنْ الْآنَ فَقَدْ كَانَ مُسْتَقِلًّا زَمَنَ الْوُجُوبِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ، وَانْظُرْ وَلَدَ الزِّنَا وَوَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ هَلْ فِطْرَتُهُ عَلَى أُمِّهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَلَوْ اسْتَلْحَقَ الْمَنْفِيُّ بِلِعَانِ الزَّوْجِ لَحِقَهُ وَلَا تَرْجِعُ أُمُّهُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَتْهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ عُبَابٌ، وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَنْفَقَتْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَتَرْجِعُ وَهُوَ قَرِيبٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ إلَخْ) لَوْ وَقَعَتْ النَّوْبَتَانِ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ بِأَنْ كَانَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ آخِرَ نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا وَأَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ نَوْبَةَ الْآخَرِ فَيَنْبَغِي تَقْسِيطُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ.

(قَوْلُهُ: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ) وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُبَعَّضِ فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ عَنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ أَوْ بِقِسْطِهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ؟ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقِسْطُ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ فِطْرَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: عَمَّا عَلَّلُوا بِهِ) الْأَنْسَبُ عَمَّا احْتَجُّوا بِهِ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مَا قَالُوهُ الْأَوْلَى لَا يَرِدُ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: غَايَتُهُ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ عَدَمُ الْإِذْنِ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ حَجّ فِي تَحَقُّقِهِ بِأَنَّ إجْزَاءَ نِيَّتِهِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ أَصْلِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إنَّهَا مِنْ بَابِ الضَّمَانِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَجْزَأَ إخْرَاجُ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ فِيمَا ذَكَرَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا طُهْرَةً لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْهُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ) : أَيْ وَهَذِهِ نِيَّةُ تَمْيِيزٍ

(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْفِطْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ) كَأَنَّ هَذَا الِاسْتِظْهَارَ لِغَيْرِهِ نَقَلَهُ هُوَ بِلَفْظِهِ وَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْأَوْجَهُ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>