للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ الْقُوتُ ضَرُورِيٌّ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ زِيَادَتُهُ لِعَدَمِ ضَبْطِ مَا وَرَاءَهُمَا وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَتْ الْفِطْرَةُ كَزَكَاةِ الْمَالِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُؤَدَّى فَاضِلًا عَنْ رَأْسِ مَالِهِ وَضَيْعَتِهِ وَلَوْ تَمَسْكَنَ بِدُونِهَا وَيُفَارِقُ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِالْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ إيجَابَهُمْ الِاكْتِسَابَ النَّفَقَةُ الْقَرِيبُ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ لِإِحْيَائِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِإِحْيَاءِ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ عَلَى مَا يَأْتِي.

(وَيُشْتَرَطُ) فِيمَا يُؤَدِّيهِ فِي الْفِطْرَةِ (كَوْنُهُ فَاضِلًا) أَيْضًا ابْتِدَاءً (عَنْ) مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ (مَسْكَنٍ) لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ (وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْمُهِمَّةِ كَالثَّوْبِ، فَلَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ يُمْكِنُ إبْدَالُهُمَا بِلَائِقَيْنِ بِهِ وَيَخْرُجُ التَّفَاوُتُ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ، قَالَ لَكِنْ فِي لُزُومِ بَيْعِهِمَا إذَا كَانَا مَأْلُوفَيْنِ وَجْهَانِ فِي الْكَفَّارَةِ فَيَجْرِيَانِ هُنَا، وَفَرَّقَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ بِأَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا تُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا، وَالْحَاجَةُ لِلْخَادِمِ إمَّا لِمَنْصِبِهِ أَوْ لِضَعْفِهِ وَالْمُرَادُ بِهَا أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ وَخِدْمَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ خِدْمَتُهُ لَا لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُقَاسُ بِهِ حَاجَةُ الْمَسْكَنِ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ يَجِدَهَا فَاضِلَةً عَنْ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ وَبِمُمَوَّنِهِ كَمَا أَنَّهُ يَبْقَى لَهُ فِي الدُّيُونِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ دَيْنِهِ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ فَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ الْفِطْرَةِ التَّابِعَةِ لَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ الدَّيْنُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْكَعْكِ وَالنَّقْلِ وَنَحْوِهِمَا، فَوُجُودُ مَا زَادَ مِنْهُ عَلَى يَوْمِ الْعِيدِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ وَقْتَ الْغُرُوبِ غَيْرَ وَاجِدٍ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ لِمَا قِيلَ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَهْيِئَةُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْوَلِيُّ إذَا قَدَرَ عَلَى التَّحْصِيلِ بِالدُّعَاءِ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ كَمَا لَا يُكَلَّفُ الْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ الِاكْتِسَابُ، وَلِأَنَّ الْأُمُورَ الْخَارِقَةَ لِلْعَادَةِ لَا تُبْنَى عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ: وَضَيْعَتِهِ) وَكَالضَّيْعَةِ الْوَظِيفَةُ الَّتِي يَسْتَغِلُّهَا فَيُكَلَّفُ النُّزُولَ عَنْهَا إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِعِوَضٍ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ الْمَسْكَنَ إلَخْ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَاضِلًا عَنْ رَأْسِ مَالِهِ.

(قَوْلُهُ: عَمَّا يَلِيقُ بِهِ مِنْ مَسْكَنٍ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا لَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَ دَفَعَهَا لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِعَيْنِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ وَالْمَنْفَعَةَ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لَا يُكَلَّفُ نَقْلُهَا عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ لِاحْتِيَاجِهِ لَهَا.

(قَوْلُهُ: وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ) قَيْدٌ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْحَاجَةُ بِالنَّاجِزَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُمَا فِي لَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ وَيَحْتَاجُ لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَضْلُ عَنْهُمَا، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ يَوْمَ عِيدٍ وَلَيْلَتِهِ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا ظَرْفًا لِمَا سَلَفَ أَيْضًا مِنْ الْخَادِمِ وَالْمَنْزِلِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهُوَ مَحِلُّ نَظَرٍ شَوْبَرِيٌّ اهـ.

وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّهُ يُعَدُّ الْآنَ مُحْتَاجًا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بَيْعَهُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي آخِرِ الْبَابِ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا مَرَّ أَيْ وَمِثْلُ الْحَجِّ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَيَجْرِي الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ فِيهَا أَيْضًا اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ.

(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ بَيْنَ وُجُوبِ بَيْعِ الْمَأْلُوفِينَ هُنَا دُونَ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ حَاجَةُ الْمَسْكَنِ) أَيْ فَيُقَابَلُ هِيَ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِسَكَنِهِ أَوْ سَكَنِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لَا لِحَبْسِ دَوَابِّهِ أَوْ خَزْنِ تِبْنٍ مَثَلًا لَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَاضِلَةً عَنْ دَسْتُ ثَوْبٍ) أَوْ بَدَلِهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ فَيُتْرَكُ لَهُ فِي كُلِّ زَمَنٍ مَا يَلِيقُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ دَيْنِهِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ) مُعْتَمَدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ ابْتِدَاءً) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُشْتَرَطُ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهُ كَمَا صَنَعَ فِي التُّحْفَةِ، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَزِمَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>