للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَخْدُمَهَا بِنَفَقَتِهَا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ: تَجِبُ فِطْرَتُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا مُقَدَّرٌ مِنْ النَّفَقَةِ لَا تَتَعَدَّاهُ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ وَتَأْكُلُ كِفَايَتَهَا كَالْإِمَاءِ، وَمِثْلُهَا عَبْدُ الْمَالِكِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ إذَا شَرَطَ عَمَلَهُ مَعَ الْعَامِلِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِطْرَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ.

أَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَزَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ، إلَّا الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الَّتِي حِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا دُونَ نَفَقَتِهَا.

وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ كَانَ غَالِبًا فَلَهَا الِافْتِرَاضُ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهَا دُونَ فِطْرَتِهَا لِتَضَرُّرِهَا بِانْقِطَاعِ النَّفَقَةِ دُونَ الْفِطْرَةِ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْأَبِ الْعَاجِزِ.

(لَكِنْ) (لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَالْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ الْكُفَّارِ) وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمْ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا الْعَبْدَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَهَلْ الْحُرَّةُ الْغَنِيَّةُ الْخَادِمَةُ لِلزَّوْجَةِ بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ يَلْزَمُهَا بِنَاءً عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِطْرَتُهَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ كَالْمُتَوَلِّي فِطْرَةَ نَفْسِهَا مَعَ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى زَوْجِ مَخْدُومَتِهَا اعْتِبَارًا بِهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلزَّوْجَةِ، وَهِيَ لَا تَلْزَمُهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً وَالزَّوْجُ مُعْسِرٌ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ لَهَا حُكْمَهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ اسْتَثْنَوْهَا لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ الْغَنِيَّةُ قَيْدٌ بِهَا لِيَتَأَتَّى التَّرَدُّدُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ) أَيْ فَلَا فِطْرَةَ لَهَا كَمَا أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ لَا فِطْرَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ تَجِبُ فِطْرَتُهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ) أَيْ وَتَجِبُ فِطْرَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى نَفْسِهَا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الَّتِي حِيلَ بَيْنَهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْحَيْلُولَةُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَيُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ حِينَئِذٍ، وَمِنْ الْحَيْلُولَةِ الْحَبْسُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَبَسَهَا بِحَقٍّ.

(قَوْلُهُ: بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذُكِرَ: وَبَيَّنَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَوَالَةً فَالْمُحِيلُ لَا يُطَالَبُ وَإِنْ كَانَتْ ضَمَانًا فَالْمَضْمُونُ عَنْهُ لَا يُطَالَبُ اهـ.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنْ أُرِيدَ مَنْعُ الْمُطَالَبَةِ بِالْمُبَادَرَةِ أَوْ الدَّفْعِ إلَيْهَا فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ أُرِيدَ الْمُطَالَبَةُ بِأَصْلِ الدَّفْعِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهِ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ انْتَهَى. أَقُولُ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا هَذَا، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ لِرَفْعِ صَوْمِهَا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ حَتَّى تَخْرُجَ الزَّكَاةُ لَمْ يَبْعُدْ. وَفِي الِاتِّحَافِ لِابْنِ حَجَرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ لَا يُرْفَعُ إلَى اللَّهِ إلَّا بِزَكَاةِ الْفِطْرِ مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ تَرَتُّبِ فَائِدَتِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَخْرُجْ زَكَاةُ الْفِطْرِ، لَكِنْ بِمَعْنَى تَوَقُّفِ تَرَتُّبِ ثَوَابِهِ الْعَظِيمِ عَلَى إخْرَاجِهَا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا الْمُخَاطَبِ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ لَهُ جَمِيعُ مَا رُتِّبَ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ الثَّوَابِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي تَوَقُّفِ الثَّوَابِ عَلَى إخْرَاجِهِ زَكَاةَ مُمَوِّنِهِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّوَقُّفُ، ثُمَّ حِكْمَةُ التَّوَقُّفِ عَلَى إخْرَاجِهَا أَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ فَلَا يَتِمُّ تَطْهِيرُهُ وَتَأَهُّلُهُ لِذَلِكَ الثَّوَابِ الْأَعْظَمِ إلَّا بِإِخْرَاجِهَا وَوُجُوبُهَا عَنْ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ فِيهِ تَطْهِيرًا لَهُ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا) أَيْ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَدْفَعُهَا عَنْهُ بِبَلَدِهَا أَوْ يَدْفَعُهَا لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّ لَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْحُضُورِ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ.

(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

عِبَارَتُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ الْأَجْنَبِيَّةِ: يَعْنِي الَّتِي لَهَا مُقَدَّرٌ لَا تَتَعَدَّاهُ، وَالْمِثْلِيَّةُ إنَّمَا هِيَ فِي كَوْنِ الْفِطْرَةِ لَا تَتْبَعُ النَّفَقَةَ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>