للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَضَيَا دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيَّنٌ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ الزَّكَاةِ قَالَهُ الْقَاضِي (كَأَجْنَبِيٍّ أَذِنَ) كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْضِ دَيْنِي فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يُجْزِهِ جَزْمًا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ فَلَا تَسْقُطُ عَمَّنْ كُلِّفَ بِهَا بِدُونِ إذْنِهِ (بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِتَمْلِيكِهِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَأَقْوَى بِالرَّشِيدِ فَأَفْهَمَ أَنَّ السَّفِيهَ كَالصَّغِيرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَالْمَجْنُونُ مِثْلُهُ أَيْضًا.

(وَلَوْ) (اشْتَرَكَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ) مُنَاصَفَةً مَثَلًا (فِي عَبْدٍ) أَيْ رَقِيقٍ وَالْمُعْسِرُ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهِ (لَزِمَ الْمُوسِرَ نِصْفُ صَاعٍ) إذْ هُوَ الْمُكَلَّفُ بِهَا وَمَحِلُّهُ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَجَمِيعُهَا عَلَى الْمُوسِرِ إنْ وَقَعَ زَمَنُ الْوُجُوبِ فِي نَوْبَتِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَوْ فِي نَوْبَةِ الْمُعْسِرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْمُبَعَّضِ الْمُعْسِرِ (وَلَوْ أَيْسَرَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ فِي الرَّقِيقِ (وَاخْتَلَفَ وَاجِبُهُمَا) لِاخْتِلَافِ قُوتِ بَلَدِهِمَا بِأَنْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ (أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ وَاجِبِهِ) أَيْ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُمَا إذَا أَخْرَجَا هَكَذَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ وَاجِبِهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَثَلَاثَةٍ مُحْرِمِينَ قَتَلُوا ظَبْيَةً فَذَبَحَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ شَاةٍ وَأَطْعَمَ الثَّانِي بِقِيمَةِ ثُلُثِ شَاةٍ وَصَامَ الثَّالِثُ عَدْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِمْ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَهَلَّ شَوَّالٌ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ نِسْبَتُهَا فِي الْقُرْبِ إلَى بَلَدَيْ السَّيِّدَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُعْتَبَرُ قُوتُ بَلَدَيْ السَّيِّدَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي بَلَدٍ لَا قُوتَ فِيهَا وَإِنَّمَا يُحْمَلُ إلَيْهَا مِنْ بَلَدِ السَّيِّدَيْنِ مِنْ الْأَقْوَاتِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفَيْنِ عَلَى تَصْوِيرٍ صَحِيحٍ لَا يُعْدَلُ إلَى تَغْلِيطِهِمْ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا صَحَّحَهُ هُنَا وَمَا صَحَّحَهُ أَوَّلًا مِنْ كَوْنِ الْأَصَحِّ اعْتِبَارَ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ، فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَخْرَجَ كُلٌّ عَنْ وَاجِبِهِ: أَيْ جَوَازًا لَا وُجُوبًا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقُوَّتَيْنِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْقُوتِ لِلْأَذْرَعِيِّ مَا يُفِيدُ الْأَوَّلَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيَّنٌ) أَيْ فَلَا يُنْسَبُ فِي الدَّفْعِ لَهُ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَصَرَّفُ بِلَا مَصْلَحَةٍ، بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ قَدْ يَدْفَعُ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ أَوْ لِمَنْ غَيْرُهُ أَحْوَجُ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ جَازَ لِلْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ لِلدَّفْعِ لَهُمْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمُخْرِجُ مُرُوءَةً وَحَيْثُ لَمْ يَجُزْ لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْآخِذِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ أَهْلُ الزَّكَاةِ مِنْ دَفْعِهَا وَظَفِرَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَتَقَعُ زَكَاةً أَمْ لَا؟ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْأَخْذِ ظَفْرًا وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَجْنُونُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الصَّغِيرِ. .

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ بَيْنَ إخْرَاجِ بُرٍّ وَحْدَهُ أَوْ شَعِيرٍ وَحْدَهُ وَلَا يُخْرِجُ صَاعًا مُبَعَّضًا كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيِّنٌ إلَخْ) لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْفَرْقِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَفُرِّقَ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ أَدَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَنِيٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>