أَوْ وَكِيلِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ. لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِزًا فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُرَدُّ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْإِمَامُ فَلِلْمَالِكِ تَأْخِيرُهَا مَا دَامَ يَرْجُو مَجِيءَ السَّاعِي فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَجِيئِهِ وَفَرَّقَ فَجَاءَ وَطَالَبَهُ وَجَبَ تَصْدِيقُهُ، وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ وَلَوْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ، لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَاجِبِ، وَإِذَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ فَهَلْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالنِّيَابَةِ كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ أَخْذُهَا عَلَى مُطَالَبَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالْمُرَادُ بِالْعَدْلِ الْعَدْلُ فِي الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي غَيْرِهَا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْمُرَادِ بِالْعَدْلِ وَالْجَوْرِ هُنَا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَفْضِيلُ الصَّرْفِ إلَى الْإِمَامِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا.
(وَتَجِبُ) (النِّيَّةُ) فِي الزَّكَاةِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ وَالِاعْتِبَارُ فِيهَا بِالْقَلْبِ كَغَيْرِهَا (فَيَنْوِي هَذَا فَرْضُ زَكَاةِ مَالٍ أَوْ فَرْضُ صَدَقَةِ مَالِي أَوْ نَحْوِهَا) كَزَكَاةِ مَالِي الْمَفْرُوضَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ، أَوْ الْوَاجِبَةِ، أَوْ فَرْضُ الصَّدَقَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ لِصَدَقَةِ الْفِطْرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِرْشَادِ لِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ الْمَالِ دُونَ الْفَرِيضَةِ أَجْزَأَهُ، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ الزَّكَاةُ لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا، بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَفْلًا، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاةٌ أَجْزَأَهُ أَيْضًا (وَلَا يَكْفِي) هَذَا (فَرْضُ مَالِي) لِصِدْقِهِ عَلَى النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَمَا قِيلَ مِنْ ظُهُورِ ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ الزَّكَاةِ رُدَّ بِأَنَّ الْقَرَائِنَ الْخَارِجِيَّةَ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّةَ فَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ لَا نَظَرًا لِصِدْقِ مَنْوِيِّهِ بِالْمُرَادِ وَغَيْرِهِ (وَكَذَا الصَّدَقَةُ) أَيْ صَدَقَةُ مَالِي أَوْ الْمَالِ لَا يَكْفِي (فِي الْأَصَحِّ) لِصِدْقِ ذَلِكَ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَالثَّانِي يَكْفِي لِظُهُورِهَا فِي الزَّكَاةِ. أَمَّا لَوْ نَوَى الصَّدَقَةَ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
(وَلَا يَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (تَعْيِينُ الْمَالِ) الْمُخْرَجِ عَنْهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ كَالْكَفَّارَاتِ، فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا عَنْ مَحِلِّهِ فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ بَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَاجِبِ) أَيْ بَلْ يُعْطَاهُ وَلَا يُقَالُ بِطَلَبِهِ الزَّائِدِ انْعَزَلَ عَنْ وِلَايَةِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ) أَيْ مَا فِي الْكِفَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَدْلِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَالِكُ) أَيْ صَرَفَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ) وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ) أَيْ فَرْضَ الصَّدَقَةِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَفْلًا) أَيْ فَتَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا لِيَتَمَيَّزَ الْفَرْضُ مِنْ النَّفْلِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ لَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْفَرْضِيَّةَ فِي الْمُعَادَةِ وَإِنْ وَجَبَتْ فَالْمُرَادُ بِهَا إعَادَةُ مَا كَانَ فَرْضًا بِالْأَصَالَةِ أَوْ نَحْوِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ وَالْفَرْضُ الْمُمَيِّزُ لِلْأَصْلِيَّةِ عَنْ الْمُعَادَةِ الْحَقِيقِيُّ فَلَا تَعَارُضَ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِالْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِي الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالْإِضَافَةِ إلَخْ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يُرَادُ اشْتِرَاطُ نِيَّتِهَا فِي الْمُعَادَةِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: الصَّدَقَةَ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ لِصِدْقِهَا بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ.
(قَوْلُهُ: فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ إلَخْ) قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِمَا إذَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى مَا سَيَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ، وَإِلَّا فَمَا ذَكَرَهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ نَفْيَ الْمُخَالَفَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي هَذَا السِّيَاقِ قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِرًا فَلَيْسَ الصَّرْفُ إلَيْهِ أَفْضَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: لَا بِالنِّيَابَةِ) أَيْ عَنْ الْفُقَرَاءِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا) أَيْ وَهُوَ سَائِرٌ إلَيْهِ أَوْ فِي بَرِّيَّةٍ، وَالْبَلَدُ الَّذِي بِهِ الْمَالِكُ أَقْرَبُ بَلَدٍ إلَيْهَا، أَوْ كَانَ يَدْفَعُهَا لِلْإِمَامِ، وَإِلَّا