للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا.

(وَيَجُوزُ) تَعْجِيلُهَا فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ (قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) فِيمَا انْعَقَدَ حَوْلُهُ وَوُجِدَ النِّصَابُ فِيهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي التَّعْجِيلِ لِلْعَبَّاسِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ، أَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ سَوَاءٌ الْفِطْرَةُ وَغَيْرُهَا. نَعَمْ إنْ عَجَّلَ مِنْ مَالِهِ فَجَازَ فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَلَا يُعَجِّلُ لِعَامَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا بِالْأَوْلَى إذْ زَكَاةُ غَيْرِ الْأَوَّلِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُهُ وَالتَّعْجِيلُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ مُمْتَنِعٌ، فَإِنْ عَجَّلَ لِأَكْثَرَ مِنْ عَامٍ أَجْزَأَهُ عَنْ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا دُونَ غَيْرِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ قَدْ مَيَّزَ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا ظَاهِرًا، وَحَمَلَ الْأَصْحَابُ تَسَلُّفَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ عَلَى تَسَلُّفِهَا فِي عَامَيْنِ أَوْ عَلَى صَدَقَةِ مَالَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَوْلٌ مُفْرَدٌ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْمَارِّ، وَعَلَيْهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ التَّعْجِيلِ نِصَابٌ كَتَعْجِيلِ شَاتَيْنِ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَاةً، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ وَجُمْهُورَ الْخُرَاسَانِيِّينَ إلَّا الْبَغَوِيّ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ حَالَةَ التَّصْنِيفِ قَالَ: وَلَمْ يَظْفَرْ بِأَحَدٍ صَحَّحَ الْمَنْعَ إلَّا الْبَغَوِيّ بَعْدَ الْفَحْصِ الشَّدِيدِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ يُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ.

(وَلَهُ) (تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ) لَيْلَةٍ مِنْ (رَمَضَانَ) لِانْعِقَادِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ إذْ هِيَ وَجَبَتْ بِسَبَبَيْنِ رَمَضَانُ وَالْفِطْرُ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ التَّقْدِيمَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْمُخَالِفِ فَأُلْحِقَ الْبَاقِي بِهِ قِيَاسًا بِجَامِعِ إخْرَاجِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ (وَالصَّحِيحُ مَنْعُهُ) أَيْ التَّعْجِيلِ (قَبْلَهُ) أَيْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَيْهِمَا مَعًا كَزَكَاةِ الْمَالِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ قَبْلَ نَحْوِ يَمِينٍ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ وُجُودَ الْمُخْرَجِ عَنْهُ فِي نَفْسِهِ سَبَبٌ.

(وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الثَّمَرِ قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهِ وَلَا الْحَبِّ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ تَحْقِيقًا وَلَا ظَنًّا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرِ وَانْعِقَادِ الْحَبِّ، وَلِأَنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إدْرَاكُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَيَمْتَنِعُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ كَزَكَاةِ الْمَوَاشِي وَالنُّقُودِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِيمَا بَعْدَ ظُهُورِهِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ يَجُوزُ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ صَلَاحِ الثَّمَرِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ النِّصَابِ كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَجَّلَ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِيمَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ.

(قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ عَنْ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا) أَيْ مَيَّزَ مَا لِكُلِّ عَامٍ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا ظَاهِرًا) وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَفِي هَذِهِ نَوَى مَا يَجْزِي وَمَا لَا يَجْزِي مِمَّا لَيْسَ عِبَادَةً أَصْلًا فَلَمْ يَصْلُحْ مُعَارِضًا لِمَا نَوَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ) يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ (قَوْلُهُ: رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ) أَيْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سم عَلَى أَوَّلِ الْفِطْرَةِ عَلَى حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ رَمَضَانَ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ بِشَرْطِ إدْرَاكِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَجُوزُ) أَيْ فِي السَّنَةِ مُحَلِّي فَمَا يُوهِمُهُ إطْلَاقُهُ وَتَعْلِيلُهُ لَيْسَ مُرَادًا.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ اللَّذَيْنِ أَرَادَ الْإِخْرَاجَ عَنْهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ قَبْلَ جَفَافِهِ لَا يَجْزِي وَإِنْ جَفَّ وَتَحَقَّقَ أَنَّ الْمُخْرَجَ يُسَاوِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ إلَى قَوْلِهِ ظَاهِرًا) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ جَمَعَ فِي هَذَا بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ بِخِلَافِ ذَاكَ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ) أَيْ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَنْعَ التَّعْجِيلِ لِعَامَيْنِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ: أَيْ وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا ادَّعَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>