للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَشَرْطَ الْوَاحِدِ صِفَةُ الْعُدُولِ بَعْدَ قَبُولِهِ بِعَدْلٍ رَكِيكٍ إذْ الْعَدْلُ مَنْ كَانَتْ فِيهِ صِفَةُ الْعُدُولِ وَبِأَنَّ مَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ لَيْسَا مِنْ الْعُدُولِ بَاطِلٌ إذَا الْعَدْلُ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَا أَصَرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ. نَعَمْ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ أَوْ رِوَايَةٌ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ وَتَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَهِيَ الَّتِي يُرْجَعُ فِيهَا لِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسْتُورِ، وَاكْتَفَى بِهِ وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَا تَقَرَّرَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى عُمُومِ النَّاسِ، أَمَّا وُجُوبُهُ عَلَى الرَّائِي فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ عَدْلًا مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ: يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُفَرِّعُوهُ عَلَى شَيْءٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِزَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ وَصَدِيقِهِ، وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّهَادَةِ يُتَّجَهُ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ إنْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الصَّوْمِ عَلَيْهَا م ر وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ.

(قَوْلُهُ: صِفَةُ الْعُدُولِ) أَيْ وَمِنْهَا السَّلَامَةُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ.

(قَوْلُهُ: مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ إلَى عُدُولِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَلَامَتُهَا هُنَا مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَطَرِيقِهِ: أَيْ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ الشَّهَادَةُ لَا الرِّوَايَةُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ صِفَةُ الشُّهُودِ وَالْأَدَاءِ عِنْدَ الْقَاضِي اهـ خِلَافُهُ. وَكَذَا قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسْتُورِ) فَسَّرَهُ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُفَسِّقٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ تَقْوَى ظَاهِرًا وَفَسَّرَهُ حَجّ هُنَا بِأَنَّهُ مَنْ عُرِفَ تَقْوَاهُ ظَاهِرًا.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ) وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِرُؤْيَتِهِ وَتَعَارَضَا فِي مَحِلِّهِ عُمِلَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ عَدْلَ الرِّوَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَشَرْطُ الْوَاحِدِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ انْدِفَاعِ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ مَا ذَكَرَهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قِيلَ قَوْلُهُ صِفَةُ الْعُدُولِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعَدْلٍ فِيهِ رِكَّةٌ فَإِنَّ الْعَدْلَ مَنْ فِيهِ صِفَةُ الْعُدُولِ، وَزَعْمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ غَيْرُ عَدْلَيْنِ مَمْنُوعٌ اهـ. وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَإِنَّ الْعَدْلَ لَهُ إطْلَاقَانِ عَدْلُ رِوَايَةٍ وَعَدْلُ شَهَادَةٍ، وَعَدْلُ الشَّهَادَةِ لَهُ إطْلَاقَانِ عَدْلٌ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ وَعَدْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ الشَّهَادَاتِ دُونَ بَعْضٍ كَالْمَرْأَةِ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ بِعَدْلٍ مُحْتَمِلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَقَّبَهُ بِمَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ وَهُوَ عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ شَهَادَةٍ، وَنَفْيُ عَدَالَةِ الشَّهَادَةِ عَنْ الْعَبْدِ وَاضِحٌ وَعَنْ الْمَرْأَةِ بِاعْتِبَارِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَا تُعْطَى حُكْمَ الْعُدُولِ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ فَاتَّضَحَ أَنَّهُ لَا غُبَارَ عَلَى عِبَارَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ) أَيْ هُنَا وَلَا حَاجَةَ لِلَفْظِ قَبُولٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَحَلِّيِّ: وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهَا انْتَهَتْ، فَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ بِالْأَوْلَى، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمُومِ: أَيْ فَإِخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ عَلَى الْعُمُومِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ قَاضٍ وَعِبَارَتُهُ: وَكَهَذَيْنِ: أَيْ إكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ بِرُؤْيَتِهِ وَلَوْ مِنْ كُفَّارٍ انْتَهَتْ. نَعَمْ فِي عَطْفِهِ الْمَذْكُورِ نَظِيرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي، وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَنْ رُؤْيَتِهِمْ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ الَّذِي يُفِيدُ الْعِلْمَ فَلَيْسَ مِنْهُ إخْبَارُهُمْ عَنْ وَاحِدٍ رَآهُ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يَقَعُ كَثِيرٌ مِنْ الْإِشَاعَاتِ فَتَنَبَّهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>