للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبْقِ مَاءِ غَسْلِ التَّبَرُّدِ وَالْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَخَرَجَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ (سَبْقُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ مِنْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ) فَلَا يُفْطِرُ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أُذُنَيْهِ فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا فَسَبَقَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ مِنْهُمَا لَا يُفْطِرُ وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ إمَالَةِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ لِعُسْرِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ عَادَتَهُ أَنَّهُ يَصِلُ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ أَوْ دِمَاغِهِ بِالِانْغِمَاسِ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْغِمَاسُ وَيُفْطِرُ قَطْعًا.

نَعَمْ مَحَلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْغُسْلِ لَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُفْطِرُ فِيمَا يَظْهَرُ، (وَكَذَا لَا يُفْطِرُ بِسَبْقِهِ مِنْ غَسْلِ نَجَاسَةٍ بِفِيهِ وَإِنْ بَالَغَ فِيهَا، وَقِيلَ يُفْطِرُ) مُطْلَقًا لِأَنَّ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْجَوْفِ بِفِعْلِهِ، وَقِيلَ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا لِأَنَّ وُصُولَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.

وَأَصْلُ الْخِلَافِ نَصَّانِ مُطْلَقَانِ بِالْإِفْطَارِ وَعَدَمِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى حَالِ الْمُبَالَغَةِ وَالثَّانِي عَلَى حَالِ عَدَمِهَا، وَالْأَصَحُّ حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ فَقِيلَ هُمَا فِي الْحَالَيْنِ، وَقِيلَ هُمَا فِيمَا إذَا بَالَغَ، فَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ لَمْ يُفْطِرْ قَطْعًا، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُمَا فِيمَا إذَا لَمْ يُبَالِغْ فَإِنْ بَالَغَ أَفْطَرَ قَطْعًا وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ لَمْ يُفْطِرْ بِحَالٍ (وَلَوْ) (بَقِيَ طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ) مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ (لَمْ يُفْطِرْ إنْ عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ) لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْجِزْ وَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ فَيُفْطِرُ لِتَقْصِيرِهِ (وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخِلَالُ لَيْلًا إذَا عَلِمَ بَقَايَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ يَجْرِي بِهَا رِيقُهُ نَهَارًا وَلَا يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ وَالْمَجُّ) الْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِوُجُوبِ التَّمْيِيزِ وَالْمَجِّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا فِي حَالِ الصَّوْمِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَكَّدَ لَهُ ذَلِكَ لَيْلًا، وَأَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْفِطْرِ مِمَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالْمَرَّةُ الرَّابِعَةُ) أَيْ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِاثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فَزَادَ أُخْرَى فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ دُخُولُ مَائِهَا سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ) قَضِيَّتُهُ تَخْصِيصُ الْغَرَضِ الْمُسَوِّغِ لِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ مَنْعَ الْإِفْطَارِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ، وَعَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعْنَى الْغَرَضِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ فِيمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهِ لَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي فِيهِ عَمْدًا: أَيْ لِغَرَضٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ ضَوَّرَهُ بِمَا لَوْ وَضَعَهُ لِنَحْوِ الْحِفْظِ وَكَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ فِي الْفَمِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ النَّحْوِ مَا لَوْ وَضَعَ الْخُبْزَ فِي فَمِهِ لِمَضْغِهِ لِنَحْوِ الطِّفْلِ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي فَمِهِ لِمُدَاوَاةِ أَسْنَانِهِ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لِدَفْعِ غَثَيَانٍ خِيفَ مِنْهُ الْقَيْءُ.

[فَرْعٌ] أَكَلَ أَوْ شَرِبَ لَيْلًا كَثِيرًا وَعُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إذَا أَصْبَحَ حَصَلَ لَهُ جُشَاءٌ يَخْرُجُ بِسَبَبِهِ مَا فِي جَوْفِهِ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا، وَهَلْ إذَا خَالَفَ وَخَرَجَ مِنْهُ يُفْطِرُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ كَثْرَةِ ذَلِكَ لَيْلًا، وَإِذَا أَصْبَحَ وَحَصَلَ لَهُ الْجُشَاءُ الْمَذْكُورُ يَلْفِظُهُ وَيَغْسِلُ فَمَه وَلَا يُفْطِرُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ مِرَارًا كَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ: وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخِلَالُ لَيْلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، فَحَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سَبْقُ الْمَاءِ بِالِانْغِمَاسِ أَفْطَرَ بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءِ غَسْلِ التَّبَرُّدِ إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّ الِانْغِمَاسَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ، وَكَذَا دُخُولُهُ جَوْفَ مُنْغَمِسٍ مِنْ نَحْوِ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ لِكَرَاهَةِ الْغَمْسِ فِيهِ كَالْمُبَالَغَةِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُعْتَدْ أَنَّهُ يَسْبِقُهُ وَإِلَّا أَثِمَ وَأَفْطَرَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْوُجُوبِ) أَيْ لَكِنَّهُ يُنْدَبُ خُرُوجًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ وَالْمَرَّةُ الرَّابِعَةُ) هِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ الْمَشْرُوعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْفِطْرِ) لَفْظُ عِنْدَ فِي كَلَامِهِ خَبَرُ إنَّ وَقَوْلُهُ مِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِالْفِطْرِ: أَيْ فَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْفِطْرِ بِمَا ذُكِرَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّخْلِيلُ، وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفِطْرِ مِمَّا تَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ وَمَجَّهُ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُمَهِّدَ لِهَذَا مَا يُوَضِّحُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>