للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ فِيهَا وَالْفِطْرُ فِيمَا ذُكِرَ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ إنْ خِيفَ نَحْوُ هَلَاكِ الْوَلَدِ وَلَا تَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ لِأَنَّهَا فِدَاءٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَلْزَمُهُمَا كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ لِأَنَّ فِطْرَهُمَا لِعُذْرٍ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمُرْضِعِ دُونَ الْحَامِلِ لِأَنَّ فِطْرَهَا لِمَعْنًى فِيهَا كَالْمَرِيضِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمُرْضِعِ) فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ

(مَنْ) (أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ) مُحْتَرَمٍ (مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ) بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى إتْلَافِ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ وَتَوَقَّفَ الْإِنْقَاذُ عَلَى الْفِطْرِ فَأَفْطَرَ وَلَمْ تَكُنْ امْرَأَةً مُتَحَيِّرَةً لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ وَإِنْ وَجَبَ كَمَا مَرَّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّفْسِ وَالْمَالِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ فِي الْمَالِ وَلَوْ مَالَ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَيَوَانًا وَإِنْ كَانَ الْقَفَّالُ فَرَضَهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَلَوْ بَهِيمَةً فَإِنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ، وَمَحَلُّهُ فِي مُنْقِذٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ.

أَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ وَلَوْ بِلَا نِيَّةِ التَّرَخُّصِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ، وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالثَّانِي لَا يُلْحَقُ بِهِمَا لِأَنَّ إيجَابَ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ مِنْ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِهِ فِي حَقِّ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ لِوُرُودِ الْأَخْبَارِ بِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ وَالْفِطْرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ كَمَا مَرَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِهِ (لَا الْمُتَعَدِّي بِفِطْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) فَلَا يُلْحَقُ بِهَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَفَارَقَ لُزُومَهَا لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ مُتَقَيِّدَةٍ بِالْإِثْمِ بَلْ إنَّمَا هِيَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا.

أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْحَشُ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، وَفَارَقَ ذَلِكَ أَيْضًا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَفِي الْقَتْلِ عَمْدًا عُدْوَانًا بِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ أَوْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ بِخِلَافِهَا فِي تَيْنِكَ.

نَعَمْ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ

(وَمَنْ) (أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ) أَوْ شَيْئًا مِنْهُ (مَعَ إمْكَانِهِ) بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا (حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ) (لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) وَهُوَ آثِمٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِخَبَرٍ فِيهِ ضَعِيفٍ لَكِنَّهُ رُوِيَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَوْ صَدَرَتْ مِنْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِعَجْزِهَا عَنْ تَسْلِيمِ مَنْفَعَةِ نَفْسِهَا بِوُجُودِ مَنْ لَا يَضُرُّهَا الْإِرْضَاعُ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ بِأَنْ أَفْطَرَ لِنَحْوِ السَّفَرِ لَا لِلْإِنْقَاذِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا لِلْإِنْقَاذِ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرْضِعُ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ أَفْطَرَتْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا عَلَى مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُتَعَدِّي

(قَوْلُهُ: صَحِيحًا مُقِيمًا) أَيْ وَحُرًّا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: أَمَّا الْقِنُّ إلَخْ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحُرِّ بَيْنَ كَوْنِهِ حُرَّ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الِاحْتِرَازِ بِالْحُرِّ عَنْ الرَّقِيقِ لِأَنَّهُ لَا تَرِكَةَ لَهُ فَيُخْرَجُ عَنْ الْمُبَعَّضِ مِمَّا خَلَّفَهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ كَمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا مَا ذُكِرَ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ، بَلْ يَجِبُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا دَفْعُ الطِّفْلِ لِغَيْرِهَا، وَهَذَا مَوْضُوعُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ حَاصِلُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ) هَذَا وَجْهُ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْضِعِ فَهُوَ الْجَامِعُ فِي الْقِيَاسِ لَا حِكْمَةُ إيجَابِ الْفِدْيَةِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْفِدْيَةَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا.

لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ تَعَبُّدِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ تَعَبُّدِيًّا.

لِأَنَّا نَقُولُ: الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ إنَّمَا هُوَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِخُصُوصِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فَالْحُكْمُ مُعَلَّلٌ لَا تَعَبُّدِيٌّ فَهُوَ كَالطَّعْمِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ) أَيْ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: فَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَيَجِبُ حَذْفُهُ لِذَلِكَ وَلِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَتَّجِهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ، وَنَصُّ عِبَارَةِ الْأَذْرَعِيِّ: وَكُلُّ مَا سَبَقَ فِي مُنْقِذٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ أَمَّا لَوْ كَانَ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ لِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا نَوَى الْفِطْرَ بِذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ) يَعْنِي الْفِدْيَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>