للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَطَيُّبِهِ سَوَاءٌ أَفْعَلَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ فَعَلَهُ بِهِ الْوَلِيُّ وَلَوْ لِحَاجَةِ الصَّبِيِّ لِمَا مَرَّ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ نِكَاحًا؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ قَدْ تَفُوتُ، وَالنُّسُكُ يُمْكِنُ تَأْخِيرُهُ إلَى الْبُلُوغِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ لُزُومِ جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صُرِّحَا بِهِ كَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ فِدْيَةَ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ عَلَى الْمُمَيِّزِ لَعَلَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُمْ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ بِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الصَّبِيِّ ثُمَّ تَحَمَّلَهَا عَنْهُ الْوَلِيُّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا أَنَّهَا فِي مَالِ الْوَلِيِّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْإِسْعَادِ عَلَى التَّفْرِيعِ الْمَارِّ، وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلُهُمْ يَضْمَنُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ مَحْرَمٍ بِأَنْ أَتْلَفَهُ فِي الْحَرَمِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْ الْوَلِيِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى فَعَلَ مَحْظُورًا وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ مُمَيِّزٍ بِأَنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ نَاسِيًا فَكَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ الْمَعْذُورُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ تَعَمَّدَ أَوْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا وَلَوْ سَهْوًا فَالْفِدْيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ، وَفَارَقَ الْوُجُوبَ هُنَا فِي مَالِ الْوَلِيِّ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ حَيْثُ وَجَبَتْ فِي مَالِ الصَّبِيِّ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ التَّعْلِيمِ كَالضَّرُورَةِ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْوَلِيُّ فِي الصَّغِيرِ احْتَاجَ إلَى اسْتِدْرَاكِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَلَوْ فَعَلَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ لِحَاجَةٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَالْوَلِيِّ، وَيُفْسَدُ حَجُّ الصَّبِيِّ بِجِمَاعِهِ الَّذِي يُفْسَدُ بِهِ حَجُّ الْكَبِيرِ (وَإِنَّمَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ) وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ رَقِيقًا كَبَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ (وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ) وَعُمْرَتِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ النِّيَابَةِ (إذَا بَاشَرَهُ) الْمُسْلِمُ (الْمُكَلَّفُ) أَيْ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ (الْحُرُّ) وَإِنْ لَمْ يُكَلَّفْ بِالْحَجِّ إذْ هُوَ مُكَلَّفٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَيُجْزِي) (حَجُّ الْفَقِيرِ) وَكُلُّ عَاجِزٍ حَيْثُ اجْتَمَعَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ الْمَرِيضُ حُضُورَ الْجُمُعَةِ أَوْ الْغَنِيُّ خَطَرَ الطَّرِيقِ وَحَجَّ.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْمُبَاشَرَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ النِّيَابَةُ عَنْ غَيْرِهِ لِمَوْتٍ أَوْ عَضْبٍ كَذَلِكَ، وَلَوْ تَكَلَّفَ الْفَقِيرُ الْحَجَّ وَأَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ كَفَاهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَحْرَمَ بِنَفْلٍ وَقَعَ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا فَلَوْ أَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (دُونَ حَجِّ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) إذَا كَمَّلَا بَعْدَهُ إجْمَاعًا لِخَبَرِ «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْحَجَّ وَظِيفَةُ الْعُمْرِ لَا تَكَرُّرَ فِيهِ فَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ فِي حَالَةِ الْكَمَالِ، فَإِنْ كَمُلَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَهُمَا فِي الْمَوْقِفِ وَأَدْرَكَا زَمَنًا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ عَادَا لَهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ أَجْزَأَهُمَا لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مُعْظَمَ الْحَجِّ فَصَارَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ نِكَاحًا) أَيْ فَإِنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ دُونَ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِحَاجَةٍ) كَأَنْ رَآهُ بَرْدَانًا مَثَلًا فَأَلْبَسَهُ (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَفْسُدُ بِهِ حَجّ الْكَبِيرُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَامِدًا عَالَمًا مُخْتَارًا، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ إذَا تَعَمَّدَ الْحَلْقُ أَوْ الْقَلَمُ إلَخْ وُجُوبُ الْقَضَاءِ هُنَا أَيْضًا مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: الْحُرُّ) أَيْ وَلَوْ بِالتَّبَيُّنِ وَإِنْ كَانَ حَالَ الْفِعْلِ قِنًّا ظَاهِرًا اهـ حَجّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ صَبِيًّا ظَاهِرًا وَتَبَيَّنَ بُلُوغُهُ كَمَا شَمْلَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ وَلَوْ بِالتَّبَيُّنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تُكَلَّفَ وَأَحْرَمَ بِنَفْلٍ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ يَقْصِدَ حَجًّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ النِّيَابَةُ) عَطْفُ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِالْمُبَاشَرَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْآتِيَيْنِ شَرْطَانِ فِي الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ الْآتِي، وَإِنْ لَمْ يُكَلَّفْ بِالْحَجِّ إذْ هُوَ مُكَلَّفٌ فِي الْجُمْلَةِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذَا بَاشِرَهُ قَوْلُهُ أَوْ أَنَابَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فَهِمَهُ الشِّهَابُ حَجّ مِنْ جَعْلِ الشَّرْطَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَرْطَيْنِ فِي الْمُبَاشِرِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ فِي تُحْفَتِهِ (قَوْلُهُ إذْ النِّيَابَةُ عَنْ غَيْرِهِ لِمَوْتٍ أَوْ عَضْبٍ كَذَلِكَ) هَذَا لَا يَصِحُّ تَرْتِيبُهُ عَلَى أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُبَاشَرَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَلَا مَا قَدَّمَهُ هُوَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: إذْ مَنْ وَقَعَتْ الِاسْتِنَابَةُ عَنْهُ لِمَوْتٍ أَوْ عَضْبٍ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ) كَانَ الْأَصْوَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>