للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْخُ بَحْثَهُ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ، وَقَدْ يَسْتَبْعِدُ الثَّانِيَ أَيْضًا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّنْزِيلِ.

نَعَمْ يُؤَيِّدُهُ الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِفُحْشِ الْكُفْرِ وَمُنَافَاتِهِ لِلْعِبَادَةِ بِذَاتِهِ فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ بِهِ. .

قَالَ: وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ انْتَهَى. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلهمْ لَوْ خَرَجَ بِهِ وَلِيُّهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَفَاقَ وَأَحْرَمَ وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ مُفِيقًا أَجْزَأَهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَسَقَطَ عَنْ الْوَلِيِّ زِيَادَةُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْوَلِيِّ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي: إذْ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ عَنْ الْوَلِيِّ لَا لِلْوُقُوعِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ: إنْ كَانَ مُدَّةُ إفَاقَةِ مَنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الْحَجِّ وَوُجِدَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ الْبَاقِيَةُ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَإِلَّا فَلَا هَذَا، وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُفِيقًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وَالسَّعْيِ.

وَلَوْ أَحْرَمَ كَافِرٌ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَزِمَهُ دَمٌ إنْ حَجَّ مِنْ سَنَتِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ.

(وَشَرْطُ) أَيْ وَشُرُوطِ (وُجُوبِهِ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ) إجْمَاعًا، وَقَالَ تَعَالَى {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧]

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَوْفِيَةِ النُّجُومِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الثَّانِي) هُوَ الْمُتَعَمَّدُ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) هُوَ مَا قَبْلُ إلَّا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجْزِهِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: مُفِيقًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ) هُوَ ضَعِيفٌ أَوْ يُقَالُ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْرِمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَيَأْتِي بِالْأَعْمَالِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ أَبِي الدَّمِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ كَافِرٌ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ بِأَنْ تَلَبَّسَ بِإِحْرَامٍ بَاطِلٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ الصَّبِيُّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَفَارَقَ الْكَافِرُ الْآتِي إلَخْ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ وَعَلَيْهِ تَصْحِيحُ مَا نَصَّهُ: أَيْ إذَا جَازُوا مَعَ الْإِرَادَةِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ بِدُونِ إذْنِهِ اهـ.

وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنَافِي فِي الْمُجَاوَزَةِ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ ثُمَّ بَلَغَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إحْرَامُهُ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَيُمْكِنُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَلَغَ قَبْلَ الْفَوَاتِ

(قَوْلُهُ: وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ) أَيْ هَلْ يُجْزِئُهُ الْحَجُّ مَثَلًا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي نِسْبَةِ السُّكُوتِ فِي هَذَا لِلرَّافِعِيِّ غَفْلَةٌ عَمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عَنْ الشَّيْخَيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ) يَعْنِي تَفْصِيلَهُ الْمُتَقَدِّمَ أَوَائِلَ السِّوَادَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ إلَخْ) هُوَ وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَهُوَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ لَا تَقْبَلُهُ الْعِبَارَةُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) أَيْ شِقِّ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: هَذَا وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ عَقِبَ كَلَامِ ابْنِ أَبِي الدَّمِ وَهُوَ كَمَا قَالَ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ كَافِرٌ مِنْ الْمِيقَاتِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ إحْرَامَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَسْلَمَ) أَيْ وَأَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَهُمَا بِالتَّنَافِي الْمُحْوِجِ إلَى الْجَوَابِ، لِأَنَّ مَا مَرَّ لَا مُجَاوَزَةَ فِيهِ لِلْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ شَرْعِيٍّ، إذْ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ إحْرَامًا شَرْعِيًّا مِنْ الْمِيقَاتِ لَكِنْ فِي حَالِ نَقْصِهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الدَّمُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ كَوْنِهِ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلَا إسَاءَةَ، وَأَمَّا مَا هُنَا فَصُورَتُهُ أَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَيْ إذَا جَاوَزَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ فِي الْبَابِ الْآتِي تَصْحِيحُ إطْلَاقِ عَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ لِلصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَبَعًا لِابْنَيْ شُهْبَةَ وَقَاسِمٍ فَلْيُحَرَّرْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>