للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَقَالَ: هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ " زَادَ الشَّافِعِيُّ " وَلِأَهْلِ الْمَغْرِبِ الْجُحْفَةَ " وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا لَكِنْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَتَوْقِيتُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ اجْتِهَادٌ مِنْهُ وَافَقَ النَّصَّ، وَقَوْلُ الْبَارِزِيِّ إحْرَامُ الْحَاجِّ الْمِصْرِيِّ مِنْ رَابِغٍ الْمُحَاذِيَةِ لِلْجُحْفَةِ مُشْكِلٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي إحْرَامُهُمْ مِنْ بَدْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْبُرُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ مِيقَاتٌ لِأَهْلِهِ، كَمَا أَنَّ الشَّامِيَّ يُحْرِمُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ وَلَا يَصْبِرُ لِلْجُحْفَةِ مَرْدُودٌ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ؛ وَلِأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ يَمُرُّونَ عَلَى مِيقَاتٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَهْلِ مِصْرَ، وَلَا أَثَرَ لِلْمُحَاذَاةِ مَعَ تَعْيِينِ مِيقَاتٍ لَهُمْ عَلَى أَنَّ بَدْرًا لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَهْلِهِ بَلْ مِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةُ كَمَا يَأْتِي، وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ بِالْبُقْعَةِ لَا بِمَا بَنَى وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِنَقْضِهَا وَإِنْ سُمِّيَ بِاسْمِهَا: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْأَجِيرُ فَإِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ، فَإِنْ مَرَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ بِإِزَائِهِ إذَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ مِنْ مَكَّةَ، حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَقْتَ أَقَتَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَوَاقِيتَ عَامَ حَجِّهِ.

(وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) وَهُوَ طَرَفُهُ الْأَبْعَدُ عَنْ مَكَّةَ لَا مِنْ وَسَطِهِ وَلَا آخِرِهِ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا.

قَالَ السُّبْكِيُّ: إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا حَقٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ هُوَ الْمَوْجُودُ آثَارُهُ الْيَوْمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ (وَيَجُوزُ مِنْ آخِرِهِ) لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ) مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ حَاذَى) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ سَامَتَ (مِيقَاتًا) مِنْهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ لَا مِنْ ظَهْرِهِ أَوْ وَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَرَاءَهُ وَالثَّانِي أَمَامَهُ (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) لِمَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ لَمَّا قَالُوا لَهُ: إنَّ قَرْنًا الْمُؤَقَّتُ لِأَهْلِ نَجْدٍ جَوْرٌ: أَيْ مَائِلٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنْ أَرَدْنَاهُ شَقَّ عَلَيْنَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمِيقَاتُ أَوْ مَوْضِعُ مُحَاذَاتِهِ تَحَرَّى إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي التَّحَرِّي إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ كَالْأَعْمَى.

وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ حَاذَاهُ أَوْ أَنَّهُ فَوْقَهُ. نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنْ تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِظْهَارُ إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ كَانَ قَدْ تَضَيَّقُ عَلَيْهِ (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) عَلَى التَّرْتِيبِ أَحْرَمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مَعًا أَحْرَمَ مِنْ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْآخِرُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ إذْ لَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ فَإِنَّهُ مِيقَاتُهُ وَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَبْعَدَ فَكَذَا مَا هُوَ بِقُرْبِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ) وَإِنْ حَاذَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ أَهْلُ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ) أَيْ لِأَهْلِهِنَّ وَلِمَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يَعْبُرُونَ) أَيْ يَمُرُّونَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ) أَيْ أَوْ مَا قُيِّدَ بِهِ مِنْ أَبْعَدِ كَمَا يَعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: فَإِنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ مَنْ مِثْلُهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ.

أَمَّا لَوْ عُيِّنَ لَهُ مَكَانُ لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَحَدٍ كَأَنَّ قِيلَ لَهُ أَحْرِمْ مِنْ مِصْرَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ بِمُجَاوَزَتِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اللُّزُومِ لَكِنْ يُحَطُّ قِسْطٌ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ بِتَمَامِهَا مِنْ مِصْرَ مَثَلًا عَشَرَةٌ وَمِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ تِسْعَةٌ حَطَّ مِنْ الْمُسْمَى عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ: عَامُ حَجِّهِ) وَكَانَ فِي السُّنَّةِ الْعَاشِرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ: جَوْرُ) أَيْ مَائِلٌ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِالرَّاءِ، وَفِي الصِّحَاحِ الْجَوْرُ الْمَيْلُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَصَوَابُهُ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ: لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ إلَى بِلَادِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: اجْتِهَادٌ مِنْهُ وَافَقَ النَّصَّ) مُرَادُهُ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا وَقَعَ لِلْأَصْحَابِ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ ذَلِكَ بِالنَّصِّ أَوْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي الْمَعْنَى، لَكِنَّ اسْتِدْلَالَهُ فِيمَا يَأْتِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ بِقَوْلِهِ لِمَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ إلَخْ، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا بِاجْتِهَادِ عُمَرَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>