بِأَنْ عَادَ إلَى مَكَّةَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا بِالنِّسْبَةِ لِإِبَاحَةِ الْمَحْظُورَاتِ لَهُ قَبْلَ الْعَوْدِ لِلضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ الطَّوَافِ فِي ذِمَّتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعِيدُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ الطَّوَافَ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ وَلَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ فِي طَوَافِ النَّفْلِ صَحِيحٌ.
أَمَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ فَالْأَقْرَبُ فِيهِ جَوَازُهُ بِهِ أَيْضًا نَعَمْ يَمْتَنِعَانِ عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ كَطَوَافِ الرُّكْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ مَعَ النُّدْرَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ كَذَلِكَ لِحُرْمَةِ وَقْتِهَا، وَالطَّوَافُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ.
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى ثُمَّ قَدَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَتِهِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِذَلِكَ وَبِالنَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى طُهْرِهَا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَالْحَائِضِ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ مَنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الرُّكْنِ وَلَمْ تُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ حَتَّى تَطْهُرَ لَهَا أَنْ تَرْحَلَ، فَإِذَا وَصَلَتْ إلَى مَحَلٍّ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ مِنْهُ إلَى مَكَّةَ جَازَ لَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تَتَحَلَّلَ كَالْمُحْصَرِ وَتَحِلُّ حِينَئِذٍ مِنْ إحْرَامِهَا وَيَبْقَى الطَّوَافُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعُودَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَأَنَّهَا تَحْتَاجُ عِنْدَ فِعْلِهِ إلَى إحْرَامٍ لِخُرُوجِهَا مِنْ نُسُكِهَا بِالتَّحَلُّلِ
بِخِلَافِ مَنْ طَافَ بِتَيَمُّمٍ تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ لِعَدَمِ تَحَلُّلِهِ حَقِيقَةً، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ حَتَّى تَطُوفَ، قَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ غَلَطٌ مِنْهُ (فَلَوْ) (أَحْدَثَ فِيهِ تَوَضَّأَ) أَيْ تَطَهَّرَ (وَبَنَى) مِنْ مَوْضِعِ الْحَدَثِ سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ الرُّكْنِ أَمْ لَا (وَفِي قَوْلٍ يَسْتَأْنِفُ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الصَّلَاةِ كَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَالْكَلَامِ، وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَخِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْعَمْدِ وَأَوْلَى بِالْبِنَاءِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، وَلَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ أَوْ بَدَنُهُ أَوْ مَطَافُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ أَوْ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَتِهِ كَأَنْ بَدَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَعَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْحَائِضِ فَيَخْرُجُ مَعَهُ رُفْقَتُهُ إلَى حَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ فَيَتَحَلَّلُ كَالْمُحْصَرِ، فَإِذَا عَادَ إلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ وَطَافَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَادَ إلَى مَكَّةَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الطَّوَافِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ إذَا مَاتَ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ بِشَرْطِهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْعَوْدِ وَلَمْ يَعُدْ وَأَنْ يُوجَدَ فِي تَرِكَتِهِ مَا يَفِي بِأُجْرَةِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ الطَّوَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إحْرَامِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَبِالنَّجَاسَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَمْتَنِعَانِ) أَيْ طَوَافُ النَّفْلِ وَالْوَدَاعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْحَائِضِ فَيَسْقُطُ الطَّوَافُ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ مَعَ فَقْدِ الطَّهُورَيْنِ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوَقْتِ) أَيْ أَمَّا فِيهِ فَيُعِيدُ لِتَبَيُّنِ أَنَّ صَلَاتَهُ الْأُولَى غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِعْلُ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ طَوَافِ الرُّكْنِ) أَيْ الْمُسَمَّى بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: كَالْمُحْصَرِ) أَيْ بِأَنْ تَذْبَحَ وَتَحْلِقَ أَوْ تُقَصِّرَ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ) أَيْ الْعَوْدُ، وَإِذَا مَاتَتْ وَلَمْ تَعُدْ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهَا بِشَرْطِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: إلَى إحْرَامٍ) أَيْ لِلْإِتْيَانِ بِالطَّوَافِ فَقَطْ دُونَ مَا فَعَلْته قَبْلُ كَالْوُقُوفِ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ طَافَ بِتَيَمُّمٍ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ) أَيْ إعَادَةُ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَبَنَى) ع قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْخَارِجُ بِالْإِغْمَاءِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ وَالطَّوَافَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا وَالْفَرْقُ زَوَالُ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مِثْلَ الْإِغْمَاءِ الْجُنُونُ بِالْأَوْلَى، وَمِثْلُهُ أَيْضًا السَّكْرَانُ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِهِمَا أَمْ لَا، لَكِنْ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي مَبْحَثِ الْوُقُوفِ فِيمَنْ حَضَرَ الْمَوْقِفَ وَهُوَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ رُجُوعٌ إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مَحَلُّ الْفَرْقِ قَوْلَهُ مَعَ النُّدْرَةِ
(قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِذَلِكَ) أَيْ بِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ، وَقَوْلُهُ بِالنَّجَاسَةِ إلَخْ: أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِعْلُهُمَا مَعًا كَمَا مَرَّ