للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَوَاهِرَ مُنْطَبِعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَحَدِيدٍ فَلَا يُجْزِئُ وَيُجْزِئُ حَجَرُ نُورَةٍ لَمْ يُطْبَخْ بِخِلَافِ مَا طُبِخَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى حَجَرًا بَلْ نُورَةً وَقَدْ مَرَّ آنِفًا (وَأَنْ يُسَمَّى رَمْيًا) فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ فِي الْمَرْمَى؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ الرَّمْيُ فَلَا بُدَّ مِنْ صِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِوَضْعِ الْيَدِ مَبْلُولَةً عَلَى الرَّأْسِ بِأَنَّ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى التَّعَبُّدِ وَبِأَنَّ الْوَاضِعَ هُنَا لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّمْي بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ فِيهِمَا، وَذِكْرِهِ اشْتِرَاطَ الرَّمْيِ هُنَا مَعَ فَهْمِهِ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَلِكَ سِيقَ لِبَيَانِ التَّعَدُّدِ لَا لِلْكَيْفِيَّةِ فَنَصَّ عَلَيْهِ هُنَا احْتِيَاطًا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا قَصْدُ الْجَمْرَةِ بِالرَّمْيِ، فَلَوْ رَمَى إلَى غَيْرِهَا كَأَنْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَمْ يَكْفِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ أَوْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَا يُجْزِئُ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ مَعَ قَصْدِ الرَّمْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ أَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مُدَّعِيًا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى تَعْلِيلِ الْإِجْزَاءِ فِيهِ، كَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى غَيْرِ الْمَرْمَى فَوَقَعَ فِيهِ يُجْزِئُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.

قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْمَرْمَى حَدًّا مَعْلُومًا غَيْرَ أَنَّ كُلَّ جَمْرَةٍ عَلَيْهَا عَلَمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَ تَحْتَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَبْعُدُ عَنْهُ احْتِيَاطًا وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْجَمْرَةُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى لَا مَا سَالَ مِنْ الْحَصَى، فَمَنْ أَصَابَ مُجْتَمَعَهُ أَجْزَأَهُ، وَمَنْ أَصَابَ سَائِلَهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَمَا حَدَّ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّ مَوْضِعَ الرَّمْيِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَرَمْيُ كَثِيرِينَ مِنْ أَعْلَاهَا بَاطِلٌ قَرِيبٌ مِمَّا تَقَدَّمَ.

(وَالسُّنَّةُ) فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ (أَنْ يَرْمِيَ) الْجَمْرَةَ لَا بِحَجَرٍ كَبِيرٍ وَلَا صَغِيرٍ جِدًّا بَلْ (بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) وَهُوَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا فِي قَدْرِ الْبَاقِلَا، فَلَوْ رَمَى بِأَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ بِأَصْغَرَ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ وَهَيْئَةُ الْحَذْفِ أَنْ يَضَعَ الْحَصَى عَلَى بَطْنِ إبْهَامِهِ وَيَرْمِيَهُ بِرَأْسِ السَّبَّابَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ رَاجِلًا لَا رَاكِبًا إلَّا فِي يَوْمِ السَّفَرِ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ رَاكِبًا لِيَنْفِرَ عَقِبَهُ، وَأَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَأَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ عُلْوٍ، وَأَنْ يَدْنُوَ مِنْ الْجَمْرَةِ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُ حَصَى الرَّامِينَ، (وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْحَجَرِ فِي الْمَرْمَى) فَلَا يَضُرُّ تَدَحْرُجُهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ فِيهِ لِحُصُولِ اسْمِ الرَّمْيِ (وَلَا كَوْنُ الرَّامِي خَارِجًا عَنْ الْجَمْرَةِ) فَلَوْ وَقَفَ فِي بَعْضِهَا وَرَمَى إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْهَا صَحَّ لِمَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ اسْمِ الرَّمْيِ، وَلَوْ رَمَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَ شَيْئًا كَأَرْضٍ أَوْ مَحْمَلٍ فَارْتَدَّ إلَى الْمَرْمَى لَا بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِهِ فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِهِ بِلَا مُعَاوَنَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّ بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ، وَيُشْتَرَطُ إصَابَةُ الْمَرْمَى يَقِينًا، فَلَوْ شَكَّ فِيهَا لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِيهِ وَبَقَاءُ الرَّمْيِ عَلَيْهِ وَصَرْفُ الرَّمْيِ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِ الْحَجِّ كَأَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي الْجَمْرَةِ كَصَرْفِ الطَّوَافِ بِهَا إلَى غَيْرِهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلْحَاقَ الرَّمْيِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْأَمْثَلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَجَوَاهِرُ مُنْطَبِعَةٌ) أَيْ بِالْفِعْلِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ) هُوَ قَوْلُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ) مِنْ كَلَامِ الْمُنَظِّرِ (قَوْلُهُ: قَرِيبٌ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ أَصَابَ مُجْتَمَعَهُ أَجْزَأَهُ

(قَوْلُهُ: لَا بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ أَجْزَأَهُ) أَيْ إنْ غَلَبَ ظَنُّهُ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَإِنْ شَكَّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: كَصَرْفِ الطَّوَافِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ) أَيْ قَائِلًا ذَلِكَ الْمُدَّعَى فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.

ِ (قَوْلُهُ: وَهَيْئَةُ الْحَذْفِ) أَيْ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَيُكْرَهُ بِأَكْبَرَ وَأَصْغَرَ مِنْهُ وَبِهَيْئَةِ الْحَذْفِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهَا الشَّامِلِ لِلْحَجِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُ الرَّمْيِ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِ الْحَجِّ كَأَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا قَصْدُ الْجَمْرَةِ بِالرَّمْيِ فَلَوْ رَمَى إلَى غَيْرِهَا إلَخْ أَنَّهُ هُنَا رَمَى إلَى الْجَمْرَةِ، لَكِنْ صُرِفَ هَذَا الرَّمْيُ عَنْ رَمْيِ الْحَجِّ بِقَصْدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>