بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ عَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ شَرْطًا بِأَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى الْجَمِيعِ وَيُؤَخِّرَ السَّعْيَ عَنْ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ، وَيُقَدِّمَ الْوُقُوفَ عَلَى طَوَافِ الرُّكْنِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَلَا تُجْبَرُ) هَذِهِ الْأَرْكَانُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا (بِدَمٍ) بَلْ يَتَوَقَّفُ الْحَجُّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِجَمِيعِ أَرْكَانِهَا وَأَمَّا وَاجِبَاتُهُ فَخَمْسَةٌ أَيْضًا: الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالرَّمْيُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَالْمَبِيتُ بِلَيَالِي مِنًى وَاجْتِنَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَأَمَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُعَدُّ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَهَذِهِ تُجْبَرُ بِدَمٍ وَتُسَمَّى بَعْضًا وَغَيْرُهَا يُسَمَّى هَيْئَةً (وَمَا سِوَى الْوُقُوفِ) مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ (أَرْكَانٌ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ لَهَا، نَعَمْ التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ أَرْكَانِهَا فَيَجِبُ تَأْخِيرُ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ عَنْ سَعْيِهَا وَوَاجِبُ الْعُمْرَةِ شَيْئَانِ: الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَاجْتِنَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ.
(وَيُؤَدِّي النُّسُكَانِ عَلَى) ثَلَاثَةِ (أَوْجُهٍ) فَقَطْ وَلِهَذَا عَبَّرَ بِجَمْعِ الْقِلَّةِ وَوَجْهُ الْحَصْرِ فِي الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْإِحْرَامَ إنْ كَانَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا فَالْإِفْرَادُ، أَوْ بِالْعُمْرَةِ فَالتَّمَتُّعُ، أَوْ بِهِمَا مَعًا فَالْقِرَانُ عَلَى تَفْصِيلٍ وَشُرُوطٍ لِبَعْضِهَا سَتَأْتِي، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِنُسُكٍ عَلَى حِدَتِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ النُّسُكَانِ بِالتَّثْنِيَةِ، أَمَّا أَدَاءُ النُّسُكِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَعَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَأَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ فَقَطْ، أَوْ عُمْرَةٍ فَقَطْ (أَحَدُهُمَا الْإِفْرَادُ) الْأَفْضَلُ وَيَحْصُلُ (بِأَنْ يَحُجَّ) أَيْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ وَيَفْرُغَ مِنْهُ (ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ) مِنْ عَامِهِ (كَإِحْرَامِ الْمَكِّيِّ) بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيُحْرِمَ بِهَا (وَيَأْتِيَ بِعَمَلِهَا) أَمَّا غَيْرُ الْأَفْضَلِ فَلَهُ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فِي سَنَةٍ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْتَمِرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَحُجَّ مِنْ الْمِيقَاتِ عَلَى مَا يَأْتِي وَأَمَّا الْإِفْرَادُ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.
(الثَّانِي الْقِرَانُ) الْأَكْمَلُ وَيَحْصُلُ (بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّرْتِيبُ إلَخْ، أَقُولُ: لِي هُنَا شُبْهَةٌ وَهِيَ أَنَّ شَأْنَ رُكْنِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ انْعَدَمَ انْعَدَمَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ إذَا حَلَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ ثُمَّ وَقَفَ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ حَصَلَ الْحَجُّ وَكَانَ الْحَلْقُ سَاقِطًا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَتَفْوِيتِهِ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ الْحَجُّ مَعَ انْتِفَاءِ التَّرْتِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
أَقُولُ: وَيُمْكِنُ انْدِفَاعُ هَذِهِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ يُقَالَ: الْحَلْقُ إنَّمَا سَقَطَ لِعَدَمِ شَعْرٍ بِرَأْسِهِ لَا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّ حَلْقَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ رُكْنًا، وَالْإِثْمُ إنَّمَا هُوَ لِتَرَفُّهِهِ بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَهَذَا كَمَا لَوْ اعْتَمَرَ وَحَلَقَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَقِبَهُ.
فَلَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ فَإِنَّ الْحَلْقَ سَاقِطٌ عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِحَلْقِ الْعُمْرَةِ بَلْ لِعَدَمِ شَعْرٍ يُزِيلُهُ (قَوْلُهُ: الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ كَوْنُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَمَّا نَفْسُ الْإِحْرَامِ فَرُكْنٌ كَمَا مَرَّ اهـ
(قَوْلُهُ: وَيُؤَدَّى النُّسُكَانِ) أَيْ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِنُسُكٍ) أَيْ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عُمْرَةٍ) أَيْ وَبِعَدَمِهَا عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فِي سَنَةٍ) أَيْ ثُمَّ بِالْعُمْرَةِ فِي أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ) قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ أَحَدُهَا الْإِفْرَادُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يَأْتِيَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ وَبَيَانِ أَفْضَلِيَّتِهِ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا) أَيْ وَسَوَاءٌ قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِنُسُكٍ عَلَى حِدَتِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ حَقِيقَةً، وَإِلَّا فَهُوَ إفْرَادٌ مَجَازِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ كَغَيْرِهِ وَسَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا غَيْرُ الْأَفْضَلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ فَقَطْ أَوْ عُمْرَةٍ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَأْتِي بِالْآخَرِ مِنْ عَامِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِفْرَادُ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ) صَوَابُهُ فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ، إذْ الْآتِي إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ ذِكْرِ أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ، وَأَمَّا بَيَانُهُ فَهُوَ الَّذِي مَرَّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا مِنْ أَصْلِهِ