للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهُ حَرَامٌ وَأَقَرَّهُ، وَكَالطَّرِيقِ الْمُتَحَدَّثُ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (وَتَحْتَ مُثْمِرَةٍ) وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ مُبَاحًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا بَلْ مَشْمُومًا أَوْ نَحْوَهُ لِئَلَّا يَتَنَجَّسَ ثِمَارُهَا فَتَفْسُدَ أَوْ تَعَافَهَا الْأَنْفُسُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْغَائِطِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْبَوْلِ خِلَافًا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، لِأَنَّ الْبَوْلَ يَطْهُرُ بِالْمَاءِ وَبِجَفَافِهِ بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ فِي قَوْلٍ، بِخِلَافِ الْغَائِطِ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ مَكَانُهُ إلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَا يَطْهُرُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا فِي الْغَائِطِ أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُرَى فَيُجْتَنَبُ أَوْ يُطَهَّرُ، وَفِي الْبَوْلِ أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إقْدَامُ النَّاسِ عَلَى أَكْلِ مَا طَهُرَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْغَائِطِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْخِلَافُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ طُهْرَهُ قِبَلَ الثَّمَرَةِ بِنَحْوِ نِيلٍ أَوْ سَيْلٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ، زَادَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَصْلِهِ قَوْلَهُ

(وَلَا) (يَتَكَلَّمُ) حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ بِذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْكَلَامُ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ، وَشَمِلَ ذَلِكَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ حَالَ قَضَائِهَا خِلَافًا لِابْنِ كج، نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ عَبَّرَ فِيهِ بِنَفْيِ الْجَوَازِ عَلَى الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا وَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ كَإِنْذَارِ أَعْمَى لَمْ يُكْرَهْ بَلْ يَصِيرُ وَاجِبًا، وَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ خَبَرَ النَّهْيِ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْغَائِطِ

(وَلَا يَسْتَنْجِي بِمَاءٍ فِي مَجْلِسِهِ) بَلْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِئَلَّا يَعُودَ الرَّشَاشُ فَيُنَجِّسَهُ إلَّا فِي الْأَخْلِيَةِ الْمُعَدَّةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ، وَمِثْلُهُ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي الْأَخْلِيَةِ الْمُعَدَّةِ هَوَاءٌ مَعْكُوسٌ كُرِهَ ذَلِكَ فِيهَا كَمَا يُكْرَهُ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ، وَقَدْ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ فِي مَحَلِّهِ حَيْثُ لَا مَاءَ وَلَوْ انْتَقَلَ لِتَضَمُّخٍ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ بِالْوُضُوءِ وَالْمَاءِ لَا يَكْفِي لَهُمَا (وَيَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

زَلِقَ أَحَدٌ فِيهِ وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاعِلِ وَإِنْ غَطَّاهُ بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي التَّالِفِ فِعْلًا وَمَا فَعَلَهُ جَائِزٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا مِنْ شَأْنِ نَوْعِهِ أَنْ يُثْمِرَ لَكِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْإِثْمَارِ عَادَةً كَالْوَدِيِّ الصَّغِيرِ وَهُوَ ظَاهِرُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَيُكْرَهُ الْبَوْلُ تَحْتَهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ مَا يُظْهِرُهُ قَبْلَ أَوَانِ الْإِثْمَارِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَكَلَّمُ حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ) نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ: فَالْكَلَامُ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ) وَهَلْ مِنْ الْكَلَامِ مَا يَأْتِي بِهِ قَاضِي الْحَاجَةِ مِنْ التَّنَحْنُحِ عِنْدَ طَرْقِ بَابِ الْخَلَاءِ مِنْ الْغَيْرِ لِيَعْلَمَ هَلْ فِيهِ أَحَدٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا، وَبِتَقْدِيرِهِ فَهُوَ لِحَاجَةٍ وَهِيَ دَفْعُ دُخُولِ مَنْ يَطْرُقُ الْبَابَ عَلَيْهِ لِظَنِّهِ خُلُوَّ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ) وَهَلْ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَلَا يُنَافِيهِ فِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مِنْ أَنَّ الذِّكْرَ الْقَلْبِيَّ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ وَهَذَا مَطْلُوبٌ فِيهِ بِخُصُوصِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ أَنَّهُ لَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.

قُلْت: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى مَا يُسْمِعُ بِهِ نَفْسَهُ، لِأَنَّ التَّحْرِيكَ إذَا لَمْ يُسْمِعْ بِهِ نَفْسَهُ لَا أَثَرَ لَهُ حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ، وَلَا يُجْزِئُهُ فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى قِرَاءَةً وَلَا ذِكْرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَمِثْلُهُ فِي حَجّ (قَوْلُهُ خَبَرَ النَّهْيِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ لِاخْتِصَاصِ النَّهْيِ بِالْغَائِطِ وَالْمُدَّعَى كَرَاهَتُهُ كَالْبَوْلِ

(قَوْلُهُ: كُرِهَ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَحَقَّقَ وُصُولُ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَا مَاءٌ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَاءُ لَا يَكْفِي) أَفْهَمَ عَدَمَ الْحُرْمَةِ إذَا كَانَ كَافِيًا، وَإِنْ لَزِمَ عَلَى الِانْتِقَالِ التَّضَمُّخُ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا لَا مَانِعَ مِنْهُ لِأَنَّ التَّضَمُّخَ إنَّمَا يَحْرُمُ حَيْثُ كَانَ عَبَثًا (قَوْلُهُ وَيَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هَلْ يَشْمَلُ قَبْرَ نَحْوِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْخِلَافُ) يَعْنِي يُوَجَّهُ كُلٌّ مِنْ طَرَفَيْ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْخِلَافِ

(قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ لَا يَكْفِي لَهُمَا) أَيْ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>