بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ فَيَضْمَنَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِتَلَفٍ حَصَلَ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَدِيعَةٍ كَالْغَاصِبِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ كَأَنْ تَلِفَ بِنَحْوِ رَفْسِ مَرْكُوبِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الرَّاكِبِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَالْأَوْجَهُ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، وَلَا يَضْمَنَ مَا تَلِفَ بِإِتْلَافِ بَعِيرِهِ وَإِنْ فَرَّطَ أَخْذًا مِمَّا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ، أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ مَا يُصَادُ بِهِ فَانْفَلَتَ بِنَفْسِهِ وَقُتِلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ فَرَّطَ وَفَارَقَ انْحِلَالَ رِبَاطِ الْكَلْبِ بِتَقْصِيرِهِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّبْطِ غَالِبًا دَفْعُ الْأَذَى فَإِذَا انْحَلَّ بِتَقْصِيرِهِ فَوَّتَ الْغَرَضَ بِخِلَافِ حَمْلِهِ، وَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَهُ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبًا فَلَمْ يَقْتُلْهُ أَثِمَ وَلَا جَزَاءَ، وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ لِمَا فِي يَدِ الْمُحْرِمِ مُحْرِمًا ضَمِنَ وَكَانَ ذُو الْيَدِ طَرِيقًا عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ حَلَالًا فَإِنَّ الضَّامِنَ وَهُوَ ذُو الْيَدِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُتْلِفِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ضَمَانِ الصَّيْدِ وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ عَلَى قَتْلِهِ ضَمِنَهُ وَرَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مُكْرِهِهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ أَخَذَهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّيْدِ لَا إنْ أَخَذَهُ لِمَصْلَحَتِهِ كَمُدَاوَاتِهِ أَوْ تَخْلِيصِهِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ هِرَّةٍ اخْتَطَفَتْهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمَصْلَحَةَ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَكَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ، وَلَا يُنَافَى هَذَا قَوْلَهُمَا أَنَّ الْوَدِيعَ يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ، إذْ مَعْنَى هَذَا أَنَّ قَصْدَهُ مَصْلَحَةَ الصَّيْدِ أَخْرَجَ الْيَدَ عَنْ وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَلْحَقَهَا بِيَدِ الْوَدِيعِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ أَنَّ يَدَهُ صَارَتْ كَالْيَدِ الْمُسْتَوْدَعَةِ صَيْدًا بَلْ كَالْمُسْتَوْدَعَةِ غَيْرَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا بِإِتْلَافِهِ لِمَا صَالَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لِأَجْلِ دَفْعٍ لَهُ عَنْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ أَوْ عُضْوٍ كَذَلِكَ أَوْ مَالٍ بَلْ أَوْ اخْتِصَاصٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الصِّيَالَ أَلْحَقَهُ بِالْمُؤْذِيَاتِ، وَلَوْ قَتَلَهُ لِلدَّفْعِ رَاكِبُهُ الصَّائِلُ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ رَاكِبِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَيْسَ مِنْهُ كَمَا فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ بِحَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهِ لِإِيذَاءِ الْقُمَّلِ.
نَعَمْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ وَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ بِقَتْلِ جَرَادٍ عَمَّ طَرِيقَهُ، وَلَمْ يَطَأْ إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَى ذَلِكَ فَأَشْبَهَ دَفْعَهُ لِصِيَالِهِ، وَكَالْجَرَادِ مَا لَوْ بَاضَ بِفِرَاشِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَّا بِالتَّعَرُّضِ لِبَيْضِهِ فَإِذَا نَحَّاهُ وَفَسَدَ لَمْ يَضْمَنْهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِالْأَوَّلِ) أَيْ الرَّاكِبِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَقَوْلُهُ لِمَا تَلِفَ: أَيْ مِنْ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَّطَ) أَيْ أَوْ أَغْرَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ عَلَى قَتْلِهِ) أَيْ الصَّيْدِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَهُ: أَيْ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ عَلَى مُكْرِهِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ حَلَالًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَلَالَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ضَمَانِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ أَخَذَ الصَّيْدَ لِمَصْلَحَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصٌ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الصِّيَالَ أَلْحَقَهُ بِالْمُؤْذِيَاتِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا وَصَادَفَ أَنْ دَفَعَهُ بِآلَةٍ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ فَهَلْ يَكُونُ مَيْتَةً أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَأَيْت سَمِّ عَلَى حَجّ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ وَكَتَبَ عَلَى مَيْتَةٍ مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ إلَخْ وَمَا يَأْتِي بِهَامِشِهِ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ بِصِيَالِهِ أَلْجَأَهُ إلَى قَتْلِ الْمَرْكُوبِ فَيَضْمَنُ (قَوْلُهُ: وَلَا إثْمَ بِقَتْلِ جَرَادٍ) أَيْ وَلَوْ وَجَدَ
[حاشية الرشيدي]
أَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ) أَيْ بِالْجَزَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ) لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى بِتَلَفٍ أَوْ وَهُوَ فِي يَدِهِ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ الَّذِي رَفَسَتْهُ دَابَّتُهُ مَثَلًا إلَّا إنْ كَانَ الصَّيْدُ فِي يَدِهِ أَيْضًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِتَلَفٍ إلَخْ تَفْسِيرًا لِوَضْعِ الْيَدِ وَيَدَّعِي أَنَّ رَفْسَ الدَّابَّةِ مَثَلًا وَضْعُ يَدٍ بِالْقُوَّةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَيَضْمَنُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ أَوْ بِاَلَّذِي فِيهَا انْتَهَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute