للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) فِي (الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا قَوِيَتْ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا أُنْثَى الْمَعْزِ مِنْ حِينِ تُولَدُ حَتَّى تَرْعَى (وَ) فِي (الْيَرْبُوعِ) أَوْ الْوَبْرِ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ (جَفْرَةٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفَصَلَتْ عَنْ أُمِّهَا وَالذَّكَرُ جَفْرٌ؛ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهُ: أَيْ عَظُمَا، قَالَ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْعَنَاقِ وَالْجَفْرَةُ بِمَا ذُكِرَ: هَذَا مَعْنَاهُمَا لُغَةً، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجَفْرَةِ هُنَا مَا دُونَ الْعَنَاقِ إذْ الْأَرْنَبُ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْيَرْبُوعِ غَيْرُ جَفْرَةٍ؛ لِأَنَّهَا بِمُقْتَضَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ سِنِّ الْعَنَاقِ وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَالدَّلِيلُ.

قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْجَفْرَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا دُونَ الْعَنَاقِ، إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ وَالثَّعْلَبِ شَاةٌ وَالضَّبِّ وَأُمِّ حُبَيْنٍ جَدْيٌ.

(وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ) مِنْ الصَّيْدِ عَنْ السَّلَفِ (يَحْكُمُ بِمِثْلِهِ) مِنْ النَّعَمِ (عَدْلَانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] أَيْ وَلَوْ ظَاهِرًا أَوْ بِلَا اسْتِبْرَاءِ سَنَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ كَانَا قَاتِلَيْهِ خَطَأً أَوْ لِاضْطِرَارٍ لَا تَعَدِّيًا، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُمَا فَقِيهَيْنِ بِهَذَا الْبَابِ فَطِنَيْنِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْفِقْهِ مَحْمُولٌ عَلَى زِيَادَتِهِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فَلَا يَجُوزُ بِقَوْلِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ حُكْمَهُ اشْتِرَاطُ ذُكُورِيَّتِهِمَا وَحُرِّيَّتِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ، أَمَّا قَاتَلَاهُ عُدْوَانًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا يَحْكُمَانِ لِفِسْقِهِمَا إلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ ذَلِكَ كَبِيرَةً، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إتْلَافُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ، فَقَوْلُ الْقُونَوِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِفِسْقٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِالْمِثْلِ وَآخَرَانِ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِمِثْلٍ آخَرَ قُدِّمَ مَنْ حَكَمَ بِالْمِثْلِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهُمَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ دَقِيقِ الشَّبَهِ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِينَ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ صَحَابِيٌّ وَسَكَتَ الْبَاقُونَ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ حُكْمِ عَدْلَيْنِ.

وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ (وَ) وَجَبَ (فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ كَالْجَرَادِ وَبَقِيَّةِ الطُّيُورِ غَيْرِ الْحَمَامِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَكْبَرَ جُثَّةً مِنْهُ أَمْ أَصْغَرَ أَمْ مِثْلَهُ (الْقِيمَةُ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ وَقَدْ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ بِهَا فِي الْجَرَادِ، أَمَّا مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِمَّا فِيهِ نَقْلٌ وَهُوَ الْحَمَامُ وَالْمُرَادُ مَا عَبَّ وَهَدَرَ كَالْفَوَاخِتِ وَالْيَمَامِ وَالْقُمْرِيِّ وَكُلِّ ذِي طَوْقٍ، سَوَاءً اتَّفَقَا ذُكُورَةً أَمْ أُنُوثَةً أَمْ اخْتَلَفَا شَاةً مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ وَمُسْتَنِدُهُ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ إيجَابُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ أَتْلَفَ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ صَيْدًا وَجَبَ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْمُتْلَفِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُ الْجَزَاءِ بِتَعَدُّدِ الْجَمَاعَةِ الْمُتْلِفِينَ، وَكَوْنُهُمْ قَارِنِينِ وَكَوْنُهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا يَتَّحِدُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ) مِنْهُ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ: وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ) عِبَارَةُ حَجّ: الضَّبُعُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عِنْدَ جَمْعٍ وَلِلْأُنْثَى فَقَطْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَأَمَّا الذَّكَرُ فَضِبْعَانٌ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِاضْطِرَارٍ لَا تَعَدِّيًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُضْطَرَّ إذَا ذَبَحَ صَيْدًا لِاضْطِرَارِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ بَدَلَ مَا أَكَلَهُ مِنْ طَعَامِ غَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا وَسَيَأْتِي أَنَّ مَذْبُوحَهُ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ مَيْتَةً بَلْ يَحِلُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا) أَيْ فَيُحَكَّمَانِ بِهِ حَالًا وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِينَ) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ أَمَّا غَيْرُهُمَا فَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فِي إصَابَةِ الْمَنْقُولِ أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّعَارُضِ بِلَا مُرَجِّحٍ (قَوْلُهُ: مَا عَبَّ) بَابُهُ رَدَّ قَالَهُ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (وَقَوْلُهُ وَهَدَرَ) مُضَارِعُهُ يَهْدِرُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَالْقُمْرِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْقَافِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: شَاةٌ مِنْ ضَأْنٍ) أَيْ فَفِيهِ شَاةٌ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

ذَكَرَ) يَعْنِي بِمَا هُنَا فِي الْجَفَرَةِ وَبِمَا مَرَّ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْعَنَاقِ أَمَّا عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ عَنْ التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْمُرَادِ

(قَوْلُهُ: شَاةٌ مِنْ ضَأْنٍ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَ لَفْظِ فِيهِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُمْ) أَيْ الصَّيْدِ وَالْقَارِنَانِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>