للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يُرْجَ نَبَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ بِخِلَافِ قَطْعِهِ فَيَحِلُّ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ نَظِيرُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الشَّجَرِ الْيَابِسِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ مَعَ الْقَطْعِ وَلَا كَذَلِكَ الشَّجَرُ، فَإِنَّ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِطْلَاقُ الْحَشِيشِ عَلَى الرَّطْبِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْيَابِسِ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّطْبِ كَلَأٌ وَعُشْبٌ، وَلَوْ أَخَذَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ فَأَخْلَفَ مِثْلَهُ فِي سَنَتِهِ بِأَنْ كَانَ لَطِيفًا كَالسِّوَاكِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا فِي سَنَتِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، فَإِنْ أَخْلَفَ مِثْلَهُ بَعْدَ وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَتْ، وَيَجُوزُ أَخْذُ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ بِلَا خَبْطٍ لِئَلَّا يَضُرَّ بِهَا، إذْ خَبْطُهَا حَرَامٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَنَقَلَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ ثَمَرِهَا وَعُودِ السِّوَاكِ وَنَحْوِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ.

قَالَ الشَّيْخُ: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا هُنَاكَ (وَالْأَظْهَرُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهِ) أَيْ بِقَطْعِ نَبَاتِ الْحَرَمِ الرَّطْبِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّجَرِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ (وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ) مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ (فَفِي) أَيْ يَجِبُ فِي قَطْعِ أَوْ قَلْعِ (الشَّجَرَةِ) الْحَرَمِيَّةِ (الْكَبِيرَةِ) بِأَنْ تُسَمَّى كَبِيرَةً عُرْفًا (بَقَرَةٌ) كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَلَا يُقَالُ مِثْلُهُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَسَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا، وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ وَلَا عَنْ الشَّاةِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ لِمُرَاعَاتِهِمْ الْمِثْلِيَّةَ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَ) فِي (الصَّغِيرَةِ) إنْ قَارَبَتْ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ (شَاةٌ) فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَفِيهَا الْقِيمَةُ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا جَاوَزَ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِ شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبُعِ الْكَبِيرَةِ اهـ.

وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْوَاجِبِ فِي غَيْرِ الشَّجَرِ مِنْ النَّبَاتِ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِدَفْعِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ لِسِنِّ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ.

وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ إجْزَائِهِمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَإِنْ جَرَى الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ بِمُجَرَّدِ الْقَطْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرَةِ، وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُصَرِّحَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِالْمَسْأَلَةِ نَعَمْ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِالتَّامَّةِ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ قَطْعِ الْغُصْنِ (قُلْت: وَ) كَذَا (الْمُسْتَنْبَتُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَوْ غَرَسَ فِي الْحَرَمِ نَوَاةً مِنْ شَجَرَةِ حِلْيَةٍ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ لَهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ تُرَابَ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ، لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ، وَقَدْ يَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَ حَجّ.

أَمَّا مَا اسْتُنِبْتَ فِي الْحَرَمِ مِمَّا أَصْلُهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ) أَيْ وَإِلَّا يَرْجُ نَبَاتَهُ لَمْ تَحِلَّ (قَوْلُهُ: فَيَحِلُّ مُطْلَقًا) مَاتَ أَصْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ حَقِيقَةَ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْيَابِسِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُهُ لَا فِي سَنَتِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) أَيْ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ اخْتَلَفَتْ فِي سَنَتِهِ دُونَهُ ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْكُلِّ لَا التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَةِ الْمَقْطُوعِ وَمَا أَخْلَفَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُضِرَّ بِهَا) مِنْ أَضَرَّ فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الشَّجَرَةِ وَالْغُصْنِ بِأَنَّ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ مِنْ شَأْنِهِ الْإِخْلَافُ وَلَا كَذَلِكَ الشَّجَرَةُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ: أَيْ الْحَشِيشِ وَبَيْنَ غُصْنِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ فَصَلُوا فِيهِ بَيْنَ الشَّجَرِ إذَا أُخِذَ مِنْ أَصْلِهِ يُضْمَنُ وَإِنْ أَخْلَفَ فِي سَنَتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَيْضًا أَنَّ الشَّجَرَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ، إذْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْتَنْبَتِ وَغَيْرِهِ وَيُضْمَنُ بِالْحَيَوَانِ بِخِلَافِ الْحَشِيشِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ) أَيْ بَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا بِإِجْزَائِهَا عَنْهَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ سَكَتَ عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْهُ أَنَّ مَا دُونَ الْكَبِيرَةِ يُضْمَنُ بِشَاةٍ صَادِقٌ بِالْقَرِيبَةِ مِنْ الْكَبِيرَةِ.

(قَوْلُهُ: أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْعِظَمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

النُّسَخِ، وَلَعَلَّ السَّاقِطَ عَقِبَ قَوْلِهِ بَلْ هُوَ مَغْرُوزٌ فِيهِ نَحْوُ قَوْلِهِ كَقَلْعِ حَشِيشِهِ وَقَطْعِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ أَخْضَرَ، بِخِلَافِ الْيَابِسِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ قِطْعَةُ بِشَرْطِ إلَخْ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ قُلْت)

<<  <  ج: ص:  >  >>