فِيهِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ لِإِذْنِهِ فِي مُوجِبِهِ، وَإِنْ ذَبَحَ عَنْهُ السَّيِّدُ بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ الْيَأْسُ عَنْ تَكْفِيرِهِ، وَالتَّمْلِيكُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلِهَذَا لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ مَيِّتٍ جَازَ، وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدًا أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ أُمِّهِ بَعْدَ مَوْتِهَا» ، فَإِنْ عَتَقَ الرَّقِيقُ وَقَدَرَ عَلَى الدَّمِ لَزِمَهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ، وَالْمُكَاتَبُ يُكَفِّرُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ، وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ أَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ، وَلَوْ أَحْرَمَ الْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ عَكْسُهُ اُعْتُبِرَ وَقْتُ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ. .
الْمَانِعُ الرَّابِعُ الزَّوْجِيَّةُ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيلُهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ (مِنْ حَجِّ تَطَوُّعٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ حَقُّهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ (وَكَذَا مِنْ الْفَرْضِ) بِلَا إذْنٍ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالنُّسُكَ عَلَى التَّرَاخِي، وَيُخَالِفُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ لِطُولِ مُدَّتِهِ بِخِلَافِهِمَا.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْطَلِقَ إلَى الْحَجِّ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» وَالثَّانِي لَا لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُزَوَّجَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ حَقٌّ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ لَا تَمْنَعُوهُنَّ مَسَاجِدَ الْبَلَدِ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا ظَاهِرُ سِيَاقِ الْخَبَرِ وَالْأَمَةُ فِي ذَلِكَ كَالْحُرَّةِ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا السَّيِّدُ وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالتَّطَوُّعِ جَزْمًا، وَبِالْفَرْضِ فِي الْأَظْهَرِ وَالرَّجْعِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً لَيْسَ لَهَا تَحْلِيلُهَا إلَّا إنْ رَاجَعَهَا، لَكِنَّ لَهُ حَبْسَهَا وَحَبْسَ الْبَائِنِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ خَشِيَتْ الْفَوَاتَ أَوْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ، وَحَيْثُ حَلَّلَهَا فَلْيُحْلِلْهَا كَالرَّقِيقِ بِأَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّحَلُّلِ، وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ بِأَمْرِ زَوْجِهَا كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَحَلُّلُهَا مَعَ تَمَكُّنِهَا مِنْهُ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا وَسَائِرُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ بِهَا وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ، كَمَا فِي الْحَائِضِ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ غُسْلِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَغْسِيلُهَا، وَوَطْؤُهَا مَعَ بَقَاءِ حَدَثِهَا، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي إتْمَامِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا، وَلَوْ قَالَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ إنْ لَمْ تَحُجَّ الْآنَ عَضِبَتْ صَارَ الْحَجُّ فَوْرِيًّا فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ وَلَا التَّحْلِيلُ مِنْهُ، وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ تَحَلُّلِهَا مِنْ الْفَائِتِ فَلَا مَنْعَ وَلَا تَحْلِيلَ مِنْهُ لِلتَّضْيِيقِ، وَلَوْ حَجَّتْ خَلِيَّةٌ فَأَفْسَدَتْهُ ثُمَّ نَكَحَتْ أَوْ مُزَوَّجَةٌ بِإِذْنٍ فَأَفْسَدَتْهُ ثُمَّ أَحْرَمَتْ بِالْقَضَاءِ لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَلَا تَحْلِيلَهَا مِنْهُ، وَلَوْ نَذَرَتْهُ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ نَكَحَتْ أَوْ فِي النِّكَاحِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَذْبَحَ أَيْ السَّيِّدُ عَنْهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ الذَّبْحُ يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنٍ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ وَقْتُ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي نَوْبَتِهِ لَزِمَهُ الدَّمُ أَوْ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَا لَزِمَهُ مِنْ دَمٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْفَرْضِ فِي الْأَظْهَرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخْبَرَهَا طَبِيبٌ بِالْعَضْبِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْقِنِّ حَيْثُ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ أَمْرِ السَّيِّدِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَهِيَ مُخَاطَبَةٌ بِالْحَجِّ فِي الْجُمْلَةِ كَانَ أَمْرُهَا آكَدَ مِنْ الرَّقِيقِ، فَإِنَّ حَجَّهُ بِتَقْدِيرِ تَمَامِهِ يَقَعُ نَفْلًا، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ حَجَّهَا إذَا تَمَّ وَقَعَ فَرْضًا مُطْلَقًا وَخَرَجَتْ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ، بَلْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الزَّوْجِ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى عَدَمِ طَلَبِ التَّحَلُّلِ بَلْ الْحَيَاءُ قَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى الْإِذْنِ لَهَا فِي بَقَاءِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا) أَيْ وَيَفْسُدُ بِذَلِكَ حَجُّهَا قَالَ ع: وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سَمِّ نَقْلًا عَنْ مَرَّ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَتْهُ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ نَذَرَتْ حَجًّا غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْحَجُّ وَأَمَّا نَذْرُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَالْوَاجِبُ بِهِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ وَقْتُ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي نَوْبَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَلَا وُجُوبَ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ) أَيْ لِأَنَّ إحْرَامَهَا بِغَيْرِ الْإِذْنِ لَيْسَ حَرَامًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَبِهِ فَارَقَتْ الرَّقِيقَ (قَوْلُهُ: فَلَا مَنْعَ وَلَا تَحْلِيلَ مِنْهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute