للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي رَدِّ كَلَامِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْرِي أَخُوطِبَ بِبَيْعٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ الْبَيْعِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا) يَتَخَلَّلَ لَفْظٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ يَسِيرًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَاهُ وَلَا مِنْ مَصَالِحِهِ وَلَا مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ كَمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِيجَابِ بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، قَبِلْتُ صَحَّ، وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ. أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ كَمَا فِي النِّكَاحِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ ثُمَّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ هُنَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ اللَّفْظُ مِمَّنْ يُطْلَبُ جَوَابُهُ لِتَمَامِ الْعَقْدِ وَغَيْرِهِ.

وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ، وَشَمِلَ أَيْضًا قَوْلُنَا لَفْظَ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إنْ أَفْهَمَ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ هُنَا تَخَلُّلُ الْيَسِيرِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا إنْ عُذِرَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَخَلُّلٌ قَدْ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ: أَيْ لِأَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ فَلَيْسَتْ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَأَنْ لَا (يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا) أَوْ إشَارَتَيْهِمَا أَوْ لَفْظِ أَحَدِهِمَا وَكِتَابَةِ أَوْ إشَارَةِ الْآخَرِ، وَالْعِبْرَةُ فِي التَّخَلُّلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فِي رَدِّ كَلَامِهِ) أَيْ ابْنِ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَاهُ) وَمِنْهُ إجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَظْهَرُ وَمَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ فَأَرْشَدَهُ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَضُرَّ، ثُمَّ رَأَيْت الزِّيَادِيَّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ وَيَتَّجِهُ ضَرَرُ الِاسْتِعَاذَةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَّةِ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ قَبِلْت فَيَصِحُّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ مَصَالِحِهِ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: لِتَمَامِ الْعَقْدِ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَلَا يَضُرُّ التَّخَلُّلُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ الْعَقْدَ أَوْ مِمَّنْ انْقَضَى لَفْظُهُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ حَجّ: وَأَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بِسُكُوتِ مُرِيدِ الْجَوَابِ أَوْ كَلَامِ مَنْ انْقَضَى لَفْظُهُ بِحَيْثُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ الْحَيْثِيَّةُ لِكَوْنِهِ فِي مَقَامِ تَصْوِيرِ طُولِ الْفَصْلِ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي؛ عَدَمَ الضَّرَرِ عِنْدَ كَوْنِ الْفَاصِلِ يَسِيرًا لِأَنَّهُ عَمَّهُمْ فِي الْفَاصِلِ مِنْ الْكَلَامِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ لَفْظٌ إلَخْ، لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الْكَثِيرَ يَضُرُّ مِمَّنْ فَرَغَ كَلَامُهُ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّخَلُّلَ إنَّمَا ضَرَّ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالْإِعْرَاضُ مُضِرٌّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ غَيَّرَ الْمَطْلُوبُ جَوَابَهُ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ لَفْظِ الْآخَرِ أَوْ مَعَهُ ضَرَّ فَكَذَا لَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُشْعِرُ بِالرُّجُوعِ وَالْإِعْرَاضِ فَتَأَمَّلْهُ يَظْهَرُ لَك وَجَاهَةُ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى.

سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: الْحَرْفُ الْوَاحِدُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إنْ أَفْهَمَ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ عَطْفًا عَلَى مَا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ: وَكَذَا بِغَيْرِ الْمُفْهِمِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: إنْ عُذِرَ) الْمُرَادُ بِالْعُذْرِ هُنَا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَا نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ قَدْ) عِبَارَةُ حَجّ إلَّا نَحْوَ قَدْ وَإِنَّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحُوا بِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا التَّحْقِيقَ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَتَى بِهَا الثَّانِي بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِعَشْرَةٍ قَدْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى فَقَطْ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُك بِكَذَا دُونَ غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: اسْتِفَادَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) يَعْنِي خُصُوصَ الْبَادِئِ بِالْعَقْدِ، وَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَهُ مِنْ هُنَا كَمَا حَذَفَهُ الشِّهَابُ حَجّ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَطُولُ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا الْأَنْسَبُ بِهِ مِمَّا هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>