للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحُرْمَةِ الْأَبْضَاعِ وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ بِخِلَافِ مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا أَنْ يَعْتِقَ) أَيْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ (عَلَيْهِ) بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ كَبَعْضِهِ أَوْ أَصْلِهِ، وَمَنْ قَرَأَ أَوْ شَهِدَ بِحُرِّيَّتِهِ وَمَنْ قَالَ لِمَالِكِهِ أَعْتِقْهُ عَنِّي وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا إذْ الْهِبَةُ كَالْبَيْعِ (فَيَصِحُّ) بِالرَّفْعِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ: أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لِفَسَادِ مَعْنَى النَّصْبِ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مِنْ مَدْخُولِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَقِيضِهِ: أَيْ يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الصِّحَّةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَهُوَ فَاسِدٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ إذْلَالِهِ لِعِتْقِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ الْإِذْلَالِ

(وَلَا) تَمَلُّكُ الذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا (الْحَرْبِيِّ) وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْأَمَانَ عَارِضٌ وَالْحِرَابَةُ فِيهِ مُتَأَصِّلَةٌ (سِلَاحًا) وَهُوَ هُنَا كُلُّ نَاقِعٍ فِي الْحَرْبِ وَلَوْ دِرْعًا وَفَرَسًا، بِخِلَافِهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِاخْتِلَافِ مَلْحَظِهِمَا أَوْ بَعْضِهِ

لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا، فَالْمَنْعُ مِنْهُ لِأَمْرٍ لَازِمٍ لِذَاتِهِ فَأُلْحِقَ بِالذَّاتِيِّ فِي اقْتِضَاءِ مَنْعِ الْفَسَادِ، بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا لِكَوْنِهِ فِي قَبْضَتِنَا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يُخْشَ دَسُّهُ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ وَالْبَاغِي وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لِسُهُولَةِ تَدَارُكِ أَمْرِهِمَا، وَأَصْلُ السِّلَاحِ كَالْحَدِيدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجْعَلَهُ غَيْرَ سِلَاحٍ، فَإِنْ ظَنَّ جَعْلَهُ سِلَاحًا حُرِّمَ وَصَحَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَنْهَجٍ.

وَمَفْهُومُهُ الْبُطْلَانُ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالسِّفَارَةِ وَلَا نَوَى الْمُوَكِّلَ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ مُصْحَفٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي الْمُخْتَارِ: سَفَرَ بَيْنَ الْقَوْمِ يُسْفِرُ بِكَسْرِ الْفَاءِ سِفَارَةً بِالْكَسْرِ: أَيْ أَصْلَحَ بَيْنَ الْقَوْمِ انْتَهَى.

وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَالصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلسِّفَارَةِ بِمَعْنَى الْوِكَالَةِ الْمَعْبَرِ بِهَا هُنَا فَلْتُرَاجَعْ هَلْ هِيَ بِكَسْرِ السِّينِ أَيْضًا أَوْ بِفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ أَوْ شَهِدَ) أَيْ صُورَةً، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُ إذْ لَا تُنْقَصُ عَنْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ) أَيْ الْكَافِرُ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ بِالنَّصْبِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا) أَيْ مُعَاهَدًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِدَارِنَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اقْتِصَارُهُ فِي بَيَانِ الْمَفْهُومِ عَلَى الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا الْآتِي فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فِي دَارِنَا.

[فَرْعٌ] لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ الْكَافِرَ مِنْ حَرْبِيٍّ فَالظَّاهِرُ امْتِنَاعُهُ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى عَلَى آلَةِ الْحَرْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْغَرَضُ الظَّاهِرُ مِنْ الْآلَةِ وَالْخَيْلِ الْقِتَالُ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ انْتَهَى.

وَهَذَا الثَّانِي هُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِ الْحَدِيدِ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ عِدَّةَ حَرْبٍ، وَقَدْ جَزَمَ شَيْخُنَا، فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِنَقْلِ الصِّحَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: سِلَاحًا) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي الْمَنَاهِي انْتَهَى مَحَلِّيّ.

أَقُولُ: نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ لَا عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ.

وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: هَلْ كَالسِّلَاحِ السُّفُنُ لِمَنْ يُقَاتِلُ فِي الْبَحْرِ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا لِلْقِتَالِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الْأَوَّلُ كَالْخَيْلِ مَعَ عَدَمِ تَعَيُّنِهَا لِلْقِتَالِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ السِّلَاحِ (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ) أَيْ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ ثَمَّ مَا يَدْفَعُ لَا مَا يَمْنَعُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ شَائِعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ) أَيْ مَظِنَّةَ الِاسْتِعَانَةِ لِيَكُونَ لَازِمًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا حُمِلَتْ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الصِّحَّةِ.

قَالَ حَجّ: وَيَرُدُّهُ مَا يَأْتِي فِي جَعْلِ الْحَدِيدِ سِلَاحًا فَالْمُتَّجِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَدِيدَ لَا يُصْلَحُ بِذَاتِهِ لِلْحَرْبِ وَلَا كَذَلِكَ السِّلَاحُ فَإِنَّهُ بِذَاتِهِ صَالِحٌ.

وَحَيْثُ خَشِيَ دَسَّهُ لَهُمْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِهِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ) أَيْ الدَّسَّ (قَوْلُهُ: وَالْبَاغِي) عَطْفٌ عَلَى الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ) أَيْ وَبِخِلَافِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْحَرْبِيِّينَ أَسْرَوْا جُمْلَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَجَاءُوا بِهِمْ إلَى مَحَلَّةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَطَلَبُوا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَفْتَدُوا أُولَئِكَ الْأَسْرَى بِمَالٍ فَوَافَوْهُمْ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ لَمَّا شَرَعُوا فِي إحْضَارِ الدَّرَاهِمِ اخْتَلَفُوا وَامْتَنَعُوا مِنْ قَبُولِهَا وَقَالُوا لَا نُطْلِقُهُمْ إلَّا بِبُرٍّ وَنَحْوِهِ مِمَّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ أَوْ أَصْلُهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ كَبَعْضِهِ (قَوْلُهُ أَيْ يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الصِّحَّةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَصِحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>