للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ، وَكَمَاءٍ تَنَجَّسَ وَإِمْكَانُ طُهْرِ قَلِيلِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ وَكَثِيرِهِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ كَإِمْكَانِ طُهْرِ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ إذْ طُهْرُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِحَالَةِ لَا مِنْ بَابِ التَّطْهِيرِ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ، أَمَّا مَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ وَلَوْ مَعَ التُّرَابِ كَثَوْبٍ تَنَجَّسَ بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا مِنْهُ فَيَصِحُّ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْقَزِّ وَفِيهِ الدُّودُ وَلَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُصْلِحَتِهِ كَالْحَيَوَانِ بِبَاطِنِهِ النَّجَاسَةُ، وَيُبَاعُ جُزَافًا وَوَزْنًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، فَالدُّودُ فِيهِ كَنَوَى التَّمْرِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي صِحَّتِهِ وَزْنًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ لَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ لَائِحٌ، وَيَصِحُّ بَيْعُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ طَهَارَتِهَا وَيَحِلُّ اقْتِنَاءُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَيْعُهُ لِتَعَذُّرِ تَطْهِيرِهِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ، وَكَذَا لَوْ قُلْنَا بِإِمْكَانِ تَطْهِيرِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ التَّطْهِيرِ فَفِي قَوْلِهِ وَأَعَادَهُ مُسَامَحَةً (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا) أَيْ أَوْ بِمَا سَتَرَهُ لَكِنْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ عَلَى تَنْجِيسِهِ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فِيهِ.

وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: هَلَّا قَالُوا بِمَا لَا يَسْتُرُ مَا تَجِبُ رُؤْيَتُهُ مِنْهُ، فَإِنَّ الْكِرْبَاسَ تَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْهِ اهـ.

وَأَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ رُؤْيَةَ بَاطِنِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَرْئِيَّةِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ عَادَةً، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ فِي مَظِنَّةِ الرُّؤْيَةِ لِسُهُولَتِهَا فَبِتَقْدِيرِ ظُهُورِ عَيْبٍ فِي بَاطِنِهِ يُمْكِنُ رَدُّهُ وَظُهُورُ قَرِيبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُ.

أَقُولُ: أَيْ أَوْ بِمَا سَتَرَهُ لَكِنْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ عَلَى تَنَجُّسِهِ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ احْتَاجَ فِي تَطْهِيرِهِ إلَى مُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي الْمَغْصُوبِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ خِفَّةُ الْمُؤْنَةِ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَبِيعِ لَا تَمْنَعُ دُخُولَ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا انْتِفَاعَهُ بِهِ فَقَدْ لَا يُطَهِّرُهُ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ مَا يَبْذُلُهُ فِيهِ طَرِيقٌ إلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ فَهُوَ مُلْجَأٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُبَاعُ) أَيْ الْقَزُّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَابِ السَّلَمِ لَائِحٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ بَابَ السَّلَمِ أَضْيَقُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ) أَيْ وَحْدَهَا أَوْ بِمَا فِيهَا حَيْثُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَيْعُهُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ وَكَذَا الدُّهْنُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ هُنَا حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ حِكَايَةُ مُقَابِلِهِ الْآتِي.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ إنَّمَا حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِهِ حَتَّى لَا يُخَالِفَ طَرِيقَةَ الْجُمْهُورِ.

وَحَاصِلُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْجُمْهُورَ بَنَوْا خِلَافَ صِحَّةِ بَيْعِ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ: أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ إمْكَانِهِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَخَالَفَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فَبَنَيَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ: أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالضَّعِيفِ صَحَّ بَيْعُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَغَلَّطَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ: وَكَيْفَ يَصِحُّ مَا لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ انْتَهَى.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَلَامُ الْكِتَابِ: أَيْ الْمِنْهَاجِ يُفْهِمُ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ انْتَهَى. أَيْ لِأَنَّ فَرْضَ كَلَامِهِ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ، فَالْجَلَالُ أَخْرَجَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَفَرْضُ الْخِلَافِ فِيهِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُمْكِنُ تَطْهِيرُ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ لَا فَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ زَادَهَا عَلَيْهِ فِي الشَّارِحِ بَعْدُ، وَأَمَّا الشَّارِحُ هُنَا كَالشِّهَابِ حَجّ فَأَبْقَيَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِهِمَا تَنَاقُضٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا لِتَعَذُّرِ تَطْهِيرِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَذُّرِ الطَّهَارَةِ الَّذِي هُوَ طَرِيقَةُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الَّتِي هِيَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ، فَيُنَاقِضُهُ قَوْلُهُمَا بَعْدَ وَأَعَادَهُ هُنَا لِيُبَيِّنَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي صِحَّتِهِ بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ إلَخْ، وَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ الشِّهَابُ سم فِي كَلَامِ الشِّهَابِ حَجّ الْمُوَافِقِ لَهُ مَا فِي الشَّارِحِ هُنَا لَكِنْ بِمُجَرَّدِ الْفَهْمِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ لَائِحٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ بَابَ السَّلَمِ أَضْيَقُ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ سم،

<<  <  ج: ص:  >  >>